الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قرب الله تعالى من خلقه بعلمه وإرادته وقدرته

السؤال

هل يصح أن يقال : إن الله سبحانه قريب بذاته ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالله تعالى قريب من خلقه بصفاته لا بذاته.

قال الذهبي في كتاب (العلو للعلي الغفار): وروى البيهقي بإسناده عن مقاتل بن حيان قال: بلغنا والله أعلم في قوله تعالى (هو الأول والآخر ..) هو الأول قبل كل شيء، والآخر بعد كل شيء، والظاهر فوق كل شيء، والباطن أقرب من كل شيء، وإنما قربه بعلمه، وهو فوق عرشه. مقاتل هذا ثقة إمام معاصر للأوزاعي، ما هو بابن سليمان ذاك مبتدع ليس بثقة. اهـ.

وقاتل ابن القيم في (مدارج السالكين): أما ما ذكرتم من القرب، فإن أردتم عموم قربه إلى كل لسان من نطقه وإلى كل قلب من قصده، فهذا لو صح لكان قرب قدرة وعلم وإحاطة لا قربا بالذات والوجود، فإنه سبحانه لا يمازج خلقه ولا يخالطهم ولا يتحد بهم .. وإن أردتم القرب الخاص إلى اللسان والقلب، فهذا قرب المحبة وقرب الرضا والأنس، كقرب العبد من ربه وهو ساجد وهو نوع آخر من القرب لا مثال له ولا نظير، فإن الروح والقلب يقربان من الله وهو على عرشه والروح والقلب في البدن .. فإن قيل: فكيف تصنعون بقوله تعالى: (ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) قيل: هذه الآية فيها قولان للناس، أحدهما: أنه قربه بعلمه، ولهذا قرنه بعلمه بوسوسة نفس الإنسان .. والقول الثاني: أنه قربه من العبد بملائكته الذين يصلون إلى قلبه فيكون أقرب إليه من ذلك العرق، اختاره شيخنا ـ يعني ابن تيمية ـ اهـ.

ثم يجب التنبه إلى القول بأن الله تعالى قريب بذاته، وأنه سبحانه مع كل أحد بذاته، إنما هو من أقوال الجهمية، وهذا هو المذهب الذي بنى عليه أهل الاتحاد والحلول أفكارهم. كما ذكر الدكتور/ غالب العواجي، في معرض بيانه لأهم عقائد الجهمية، من كتابه (فرق معاصرة).

وذكر الدكتور/ محمد بن خليفة التميمي في كتابه (الآثار المروية في صفة المعية) أقوال الناس في صفة المعية، ومنها القول الثالث: من فسر المعية بالمعية الذاتية، وقال: بأن الله بذاته في كل مكان. وهم حلولية الجهمية واحتجوا لقولهم هذا بنصوص "المعية" و"القرب" الواردة في القرآن الكريم مثل قوله تعالى: ... {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الأِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} ... وقد زعم حلولية الجهمية أن المراد بهذه النصوص معية الذات وقرب الذات، فلذلك قالوا: إن الله بذاته في كل مكان. اهـ. ثم أردف ذلك بالرد عليهم وإبطال قولهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني