الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أهل الجنة منزهون عما تأباه الفطرة السوية

السؤال

حياكم الله تعالى هناك في بعض الصفحات وجدت ـ الادمن ـ يورد بعض الآراء التي بمجرد سماعي لها علمت أنها شاذة: ألا وهي أنه يقول إنه في الجنة لو اشتهت المرأة أن تكون ذكرا لكان لها هذا، ولو اشتهى الرجل أن يحمل مثل المرأة لكان له هذا ـ وأورد بعض المقالات لرجل يدعى محمد الصوياني ألف كتابا عن الجنة وقال ـ الادمن ـ أيضا إن هناك كلاما شبيها في كتاب حادي الأرواح وللأسف فقد وقعت يدي على كتاب مماثل في إحدى المكتبات لمؤلف آخر وظل يسوق كلاما ويستدل استدلالات لم أسمع بها من قبل، وأنا ـ كما ذكرت من قبل ـ قد لا أكون على جانب يعتد به من العلم، ولكن أظن أن هذا مخالف للفطرة ولطهارة الجنة التي أعد الله لعباده فيهاـ اللهم اجعلنا منهم ـ ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، فأرجو من حضراتكم إن كان هذا القول مخالفا فعلا لعقيدتنا أن تتفضلوا ببعض الأدلة حتى يتسنى لي أن أوردها في تلك الصحفة حتى لا يقع كثير من المسلمين في هذا الفهم الخاطئ.
وجزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمما لا شك فيه أن أهل الجنة لهم فيها ما يشاءون ولا يمكن أن يحرموا فيها مما يشتهون، فالجدير بالمرء أن يتوجه باهتمامه كله إلى تحقيق سبب دخولها ولا ينشغل بما بعد ذلك، فإنه إذا دخلها سوف يجد فيها كل ما يسره وراجع في ذلك الفتويين رقم: 138313، ورقم: 122473.

ومع هذا، فينبغي التنبه إلى أن أماني أهل الجنة ورغباتهم بعد دخولها تختلف اختلافا كبيرا عن أماني أهل الدنيا ورغباتهم، فإنهم لا يدخلونها إلا بعد أن ينقوا ويهذبوا ويصيروا طيبين في طباعهم وأخلاقهم وفي كل شيء، كما سبق التنبيه عليه في الفتوى رقم: 125317.

وعلى ذلك، فكل ما تأباه الفطر السوية مما يقبح ويفحش فأهل الجنة منزهون عنه، ومن ذلك أن يرغب الرجل في الحمل والولادة، وأن يرغب الشخص في تحويل جنسه من ذكر إلى أنثى، أو العكس.

وختاما ننبه على أن الكتاب المذكور في السؤال الذي يحمل عنوان: الجنة حين أتمنى ـ ليس فيه وصف للجنة بناء على نصوص الوحي المعصوم من الكتاب والسنة، وإنما حاله كما قال مؤلفه في هذه الصفحات: لن يجد القارئ وعظا، أو إرشادا، أو نصائح، أو إحداثيات فلست أهلا لذلك، في هذه الصفحات لن يجد القارئ ادعاء لكشف الحجب، أو التماهي بالغيب، أو تأليا على الله، هذه الصفحات ليست وصفا لجنة الخلد على الإطلاق، هذه الصفحات ليست حتى تصورا لها إنها باختصار مجرد أمنية ـ حلم ـ إنها دعاء مسافر دون ملل، سيجد القارئ إبحارا طويلا سابحا في الأماني والأحلام. اهـ.

وأما كلام ابن القيم في حادي الأرواح: فلا يتعلق بكون الرجل هو الذي يحمل ويلد، وإنما تعرض ـ رحمه الله ـ لمسألة هل يولد لأهل الجنة؟ ولا يعني بذلك أن الرجل هو الذي يلد، وإنما يولد له وهذا محل خلاف بين أهل العلم ذكره ابن القيم في الباب السادس والخمسين: ذكر اختلاف الناس هل في الجنة حمل وولادة أم لا؟ ومن ألفاظ الحديث التي ساقها بإسناد أبي نعيم أن الرجل من أهل الجنة ليولد له كما يشتهي فيكون حمله وفصاله وشبابه في ساعة واحدة.

وهذا قد رواه الترمذي بلفظ: المؤمن إذا اشتهى الولد في الجنة كان حمله ووضعه وسنه في ساعة كما يشتهي. ثم قال: وقد اختلف أهل العلم في هذا، فقال بعضهم: في الجنة جماع ولا يكون ولد ـ هكذا روي عن طاووس ومجاهد وإبراهيم النخعي.

وقال محمد ـ يعني البخاري: قال إسحاق بن إبراهيم في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: إذا اشتهى المؤمن الولد في الجنة كان في ساعة واحدة كما يشتهي، ولكن لا يشتهي ـ قال محمد: وقد روي عن أبي رزين العقيلي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أهل الجنة لا يكون لهم فيها ولد. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني