الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تقديم السعي على الطواف

السؤال

ما حكم تقديم السعي على الطواف في العمرة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يصح تقديم السعي على الطواف في قول جمهور أهل العلم، ويشترط لصحة السعي أن يقع بعد طواف صحيح.

قال الإمام البغوي في شرح السنة: إذا سعى بين الصفا والمروة قبل أن يطوف بالبيت في الحج ، أو في العمرة ، فلا يحسب سعيه حتى يعيده بعد الطواف بالبيت عند عامة أهل العلم؛ إلا ما حكي عن عطاء أنه قال : يجزئه سعيه ، واحتج بما روي عن أسامة بن شريك قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجاً ، فكان الناس يأتونه ، فمن قائل : يا رسول الله سعيت قبل أن أطوف ، أو أخرت شيئاً أو قدمت، فكان يقول : ( لا حرج لا حرج ) وهذا عند العامة أن يكون قد سعى عقيب طواف القدوم قبل الوقوف بعرفة، ويكون محسوباً له ، ولا يجب عليه أن يعيده بعد طواف الإفاضة، فأما من لم يكن سعي عقيب طواف القدوم ، فسعيه بعد الوقوف بعرفة لا يحسب قبل طواف الإفاضة. اهـ كلامه.

وذهب جمع من الحفاظ إلى أن زيادة ( سعيت قبل أن أطوف ) الواردة في حديث أسامة زيادة ضعيفة لا تثبت. قال الشوكاني في السيل الجرار : ... وأما ما وقع في حديث أسامة عند أبي داود بلفظ سعيت قبل أن أطوف فقد قال الحفاظ إنه ليس بمحفوظ .. اهـ.

ومثله قول ابن القيم في زاد المعاد: ... وَقَوْلُهُ سَعَيْتُ قَبْلَ أَنْ أَطُوفَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَ بِمَحْفُوظٍ .. اهـ. وحكم عليها بالشذوذ أيضا الشيخ الألباني رحمه الله لمخالفة جرير بن عبد الحميد أحد رواته لغيره من الثقات الذين رووا الحديث بدون تلك الزيادة.

وعلى افتراض صحة تلك الزيادة فإنها محمولة عند كثير من العلماء على القارن والمفرد إذا سعى بعد طواف القدوم كما مر في كلام البغوي رحمه الله.

وبعض العلماء ممن صحح هذه الزيادة يرى أن تقديم السعي على الطواف جائز في الحج دون العمرة وهو اختيار الشيخ ابن عثيمين حيث قال في الشرح الممتع: هذا في الحج وليس في العمرة، فإن قيل: ما ثبت في الحج ثبت في العمرة إلا بدليل، لأن الطواف والسعي في الحج وفي العمرة كليهما ركن.

فالجواب: أن يقال: إن هذا قياس مع الفارق، لأن الإخلال بالترتيب في العمرة يخل بها تماما، لأن العمرة ليس فيها إلا طواف، وسعي، وحلق أو تقصير، والإخلال بالترتيب في الحج لا يؤثر فيه شيئا، لأن الحج تفعل فيه خمسة أنساك في يوم واحد، فلا يصح قياس العمرة على الحج في هذا الباب، ويذكر عن عطاء بن أبي رباح عالم مكة ـ رحمه الله أنه أجاز تقديم السعي على الطواف في العمرة، وقال به بعض العلماء، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يجوز مع النسيان أو الجهل لا مع العلم والذكر. انتهى.

وعلى هذا لا يصح تقديم السعي على الطواف في العمرة, وانظر الفتوى رقم: 44613.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني