الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

كيف تكون التوبة من الرياء؟ فقد أحببت شخصا، ومنذ ذلك الوقت وأنا أفكر فيه وأتوهمه, كيف سيراني بمظهر لائق؟ وكيف سيراني وأنا أتكلم بطريقة جميلة؟ وكيف سيراني محبة للآخرين؟ وهكذا يوميا لمدة ساعتين تقريبا وهكذا لمدة 12سنة، ففي البداية لم أكن أعرف أن هذا من الرياء, ولكن أصبحت أرى في المنام لعدة مرات الصليب والأصنام مع رؤيا أخرى تنبهني من هذا الذنب, وأحاول التوبة، ولكنني لا أستطيع, أصبحت عادة في رأسي, علما بأنني ـ والحمد لله ـ أقوم بجميع العبادات لله وأقرأ القرآن وأتوب فترة ثم أرجع للذنب, وعندما أتوب أعاني من خواطر الشك في العقيدة والتوحيد والوساوس، فهل الاستغفار يكفر هذا الذنب في حال العودة له؟ يعني: هل للاستغفار فائدة مع الاستمرار في الذنب؟ وهل الآية: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ـ تنطبق على الشرك الخفي؟ وهل يوجد دعاء، أو ورد يومي أقوله لكي يساعدني على التوبة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فابتداء ننبهك على أن ما ذكرته من الصور بعضها لا يدخل في باب الرياء، فمحبة الشخص أن يراه الناس بمظهر حسن، أو يرونه يتكلم بطريقة جيدة هذا ليس من الرياء, ففي الحديث الذي رواه مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، قيل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة، قال: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر: بطر الحق وغمط الناس.

أما بخصوص التوبة من الرياء: فهي كالتوبة من غيره من الذنوب تكون بالندم والإقلاع عن الذنب والعزم على عدم العودة إليه مستقبلا، وقد سبق بيان التوبة وشروطها ومنزلة الاستغفار في الفتاوى التالية أرقامها: 249020، 559690، 391540، 54500.

أما التوبة من الذنب مع الإقامة على فعله: فهذا ليس توبة صحيحة، لأن من شروط التوبة الإقلاع عن الذنب، فمن لم يقلع عنه فما تاب وإن كان يستغفر بلسانه.

أما التوبة الصادقة من الذنب والإقلاع عنه ثم الرجوع إلى فعله مرة أخرى: فهذا لا ينقض التوبة الأولى، وقد سبق بيان هذا في الفتوى رقم: 111852.
أما بخصوص حبك لهذا الشخص ومدوامتك على التفكير فيه والتعلق به طوال هذه السنين: فهذا أمر خطير، إذ هو من العشق المحرم، وقد سبق أن بينا خطورة العشق وأقسامه وكيفية علاجه في الفتاوى التالية أرقامها: 9360 117632, 126865.

أما شمول قوله سبحانه: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ {النساء:48}. للشركين الأكبر والأصغر: فهذا موضع خلاف بين أهل العلم فذهب بعضهم إلى أن الشرك الأصغر يغفر كسائر الذنوب, وذهب آخرون إلى أن الشرك الأصغر لا يغفره الله كالشرك الأكبر، ولكن إن مات صاحبه ولم يتب منه فإنه يموت على الإسلام بخلاف الشرك الأكبر، يقول ابن تيمية ـ رحمه الله: وقد يقال الشرك لا يغفر منه شيء لا أكبر ولا أصغر على مقتضى عموم القرآن وإن كان صاحب الشرك الأصغر يموت مسلما، لكن شركه لا يغفر له، بل يعاقب عليه وإن دخل بعد ذلك الجنة. انتهى.

أما بالنسبة للورد اليومي: فليس هناك شيء بخصوصه، ولكننا ننصحك بالمحافظة على قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ـ في كل يوم مائة مرة ـ فإنها حرز لصاحبها من الشيطان ـ بإذن الله ـ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة ـ كانت له عدل عشر رقاب وكتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل عملا أكثر من ذلك. متفق عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني