الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علماء أهل البيت من جملة الأئمة المتبوعين عند أهل السنة

السؤال

لماذا أهل السنة يتبعون الأئمة الأربعة، مع أنهم لم يعاصروا النبي صلى الله عليه وسلم ولا يتبعون أهل البيت؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالمسلمون جميعا مأمورون باتباع كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأهل السنة والجماعة هم أحرص الناس على اتباع النبي صلى الله عليه وسلم امتثالا لقوله تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ {آل عمران:31}. ولقوله تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا {الحشر:7}. ولغير ذلك من الأدلة.

وهدي النبي صلى الله عليه وسلم وسنته قد حمله عنه أصحابه الأطهار ـ رضي الله عنهم ـ فبلغوه لمن بعدهم على وجهه، وكانوا أتبع الناس للنبي صلى الله عليه وسلم وأعلم الناس بسنته، ثم حمل علمهم التابعون فنشروه في الأمة ولم يكتموا ولم يبدلوا ـ رحمهم الله ـ فهم أهل العلم العدول الخيار، وما زال هذا العلم الشريف يرثه خيار الناس وعدولهم قرنا بعد قرن وجيلا بعد جيل كما جاء في الحديث: يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين.

وقد ورد هذا الحديث من طرق عديدةساقها ابن القيم في مفتاح دار السعادة.

فورثة النبي صلى الله عليه وسلم هم حملة هذا العلم من الصحابة ومن اتبعهم بإحسان سواء كانوا من أهل البيت، أو من غيرهم كما قال تعالى: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ {التوبة100}.

وأهل السنة والجماعة يتبعون أثر هؤلاء جميعا ويسيرون على دربهم ومنهم جماعة كثيرة من أهل البيت ملأوا الدنيا علما، وكان لهم الأثر الحسن في الأمة كعلي وأبنائه الحسن والحسين ومحمد ـ رضي الله عنهم ـ وكعبد الله بن العباس ـ رضي الله عنهما ـ فإنه من أكابر العلماء ومنهم علي بن الحسين وابنه محمد وابنه جعفر بن محمد ـ رحمهم الله ـ فهم جميعا من أهل البيت الذين يواليهم أهل السنة والجماعة ويتبعونهم فيما كانوا عليه من الدين والتقوى لله تعالى، ولهم من الفضل والعلم ما لا يجحد وأهل العلم من غير أهل البيت التابعون للسنة العاملون بها يعظمهم أهل السنة والجماعة ويعرفون فضلهم ويوقرونهم لما لهم من الأثر الجليل في خدمة الإسلام ونشر العلم في الناس، وعلى رأسهم الأئمة الأربعة الذين لا تجحد فضائلهم ومآثرهم وغيرهم من أئمة الإسلام الكبار كالأوزاعي والسفيانين والبخاري ومسلم وسائر العلماء ـ رحمهم الله ـ ممن حسنت سيرته وعرف بالعلم والاجتهاد في نشره وتعظيم السنة واتباعها، فهؤلاء جميعا متبوعون لأهل السنة والجماعة وذلك أن طريقتهم جميعا واحدة في الاعتقاد والسلوك وتعظيم سنة النبي صلى الله عليه وسلم واتباع ما دل عليه الدليل، وإن اختلفوا في بعض مسائل الأحكام، فاختلافهم هذا يكون ناشئا عن اجتهاد وطلب للحق، وبالجملة فأهل السنة والجماعة إنما يتبعون النبي صلى الله عليه وسلم ولا يتبعون من الناس إلا من كان تابعا للنبي صلى الله عليه وسلم عقيدة وعملا سواء كان من أهل البيت، أو غيرهم، كما قال تعالى: وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ {الأعراف: 158}. وقال تعالى: وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا {النور: 54}.

وإنما اشتهر هؤلاء الأئمة لأن تلاميذهم قاموا من بعدهم بحفظ مذاهبهم وتدوينها وتناقلتها الأجيال عنهم ولم يحصل مثل هذا لكثير من الأئمة غيرهم نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أتباع نبيه صلى الله عليه وسلم وصحابته وتابعيهم بإحسان.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني