الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نوى الجمع بين الظهر والعصر وفصل بينهما بمقدار ساعة

السؤال

شيخي الفاضل: هل يجوز إذا نوى المسافر جمع صلاتي الظهر والعصر مثلا والفصل بينهما بنصف ساعة، أو ساعة مثلا؟ وما الحكم لو صلى الظهر وكان يريد الجمع فنسي ولم يتذكر إلا بعد مرور ساعة وربما أكثر؟. وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اشترط جمهور أهل العلم لصحة جمع التقديم بين الصلاتين أن لا يُفرق بينهما بوقت طويل، وذكروا أنه إذا طال الوقت بطل الجمع ويجب تأخير الصلاة الثانية إلى وقتها، جاء في الموسوعة الفقهية: الْمُوَالاَةُ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ، قَال جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: الْحَنَفِيَّةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ ـ تُشْتَرَطُ الْمُوَالاَةُ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ بِأَنْ لاَ يَفْصِل بَيْنَهُمَا فَاصِلٌ طَوِيلٌ، لأَِنَّ الْجَمْعَ يَجْعَلُهُمَا كَصَلاَةٍ وَاحِدَةٍ فَوَجَبَ الْوَلاَءُ كَرَكَعَاتِ الصَّلاَةِ أَيْ فَلاَ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا كَمَا لاَ يَجُوزُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الرَّكَعَاتِ فِي صَلاَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ فَصَل بَيْنَهُمَا بِفَصْلٍ طَوِيلٍ وَلَوْ بِعُذْرٍ كَسَهْوٍ، أَوْ إِغْمَاءٍ بَطَل الْجَمْعُ وَوَجَبَ تَأْخِيرُ الصَّلاَةِ الثَّانِيَةِ إِلَى وَقْتِهَا لِفَوَاتِ الْجَمْعِ، وَإِنْ فَصَل بَيْنَهُمَا بِفَصْلٍ يَسِيرٍ لَمْ يَضُرَّ كَالْفَصْل بَيْنَهُمَا بِالأَْذَانِ وَالإِْقَامَةِ وَالطَّهَارَةِ.

وَذَهَبَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ جَمْعَ تَقْدِيمٍ وَإِنْ طَال بَيْنَهُمَا الْفَصْل مَا لَمْ يَخْرُجْ وَقْتُ الأُْولَى مِنْهُمَا. اهـ.

وهذا الذي ذهب إليه بعض الشافعية هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وقواه ابن عثيمين في شرح الزاد، قال شيخ الإسلام في مجموع فتاواه: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا تُشْتَرَطُ الْمُوَالَاةُ بِحَالٍ لَا فِي وَقْتِ الْأُولَى وَلَا فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِذَلِكَ حَدٌّ فِي الشَّرْعِ، وَلِأَنَّ مُرَاعَاةَ ذَلِكَ يُسْقِطُ مَقْصُودَ الرُّخْصَةِ. اهـ.

وقال في موضع آخر: وَكَذَلِكَ جَوَازُ الْجَمْعِ لَا يُشْتَرَطُ لَهُ الْمُوَالَاةُ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ. اهـ.

قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى: والأحوط أن لا يجمع إذا لم يوالِ بينهما، ولكن رأي شيخ الإِسلام له قوة. اهـ.

فعلى قول الجمهور إذا نسيت أن تصلي العصر مع الظهر ولم تتذكر إلا بعد وقت طويل لم يصح الجمع، ونصف الساعة زمن طويل لا يصح معه الجمع فيما نرى، وعلى قول شيخ الإسلام وبعض الشافعية يجوز لك أن تجمع، ولا شك أن قول الجمهور هو الأحوط والأبرأ للذمة، ولكن لو جمعت مقلدا من قال به لم نر عليك حرجا في ذلك وانظر الفتوى رقم. 63578.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني