الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أهل الجنة مع اختلاف منازلهم فكلهم يرضى بما هو فيه

السؤال

كيف يكون الفرق بين درجات الجنة؟ أليس في الجنة جميع ما يتمناه المسلم؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا ريب في أن أهل الجنة يتفاضلون فيها بحسب أعمالهم، وتختلف مراتبهم ودرجاتهم فيها كما نطق بذلك الكتاب والسنة، فلا يستوي أنبياء الله ورسله والصديقون والشهداء مع المخلطين من المؤمنين، وكلا وعد الله الحسنى قال تعالى: وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ {الأنعام:132} .

قال ابن الجوزي رحمه الله: وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ ـ أي منازل ومراتب بحسب ما اكتسبوه من إيمان وكفر فيتفاضل أهل الجنة في الكرامة وأهل النار في العذاب. انتهى.

والأدلة على ذلك كتابا وسنة أكثر من أن تحصر، ولا ينافي هذا أنه يحصل لهم ما يتمنونه ويشتهونه، كما قال تعالى: وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ {الزخرف:71}.

فإنهم لا يتمنون فوق رتبتهم، بل يقنعون بما آتاهم الله ويعلمون أنه فضله تفضل به عليهم، فلا تطمح نفوسهم إلى ما فوق رتبتهم، ويدل لذلك ما رواه الترمذي وغيره في حديث طويل في سوق الجنة: ويجلس فيه أدناهم ـ وما فيهم دنيء ـ على كثبان المسك والكافور، ما يرون بأن أصحاب الكراسي بأفضل منهم مجلسا.

قال المباركفوري ـ رحمه الله: ما يرون ـ بصيغة المجهول من الإرادة والضمير إلى الجالسين على الكثبان أي لا يظنون ولا يتوهمون: أن أصحاب الكراسي ـ أي أصحاب المنابر: بأفضل منهم مجلسا ـ حتى يحزنوا بذلك لقولهم على ما في التنزيل: الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ـ بل إنهم واقفون في مقام الرضا ومتلذذون مجال التسليم بما جرى القضاء. انتهى.

فهم متفاوتون مع رضى كل بما هو فيه وعدم تمنيه لما هو أكثر منه، اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني