الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القضاء والقدر لا يعني سلب إرادة الإنسان

السؤال

أود أن أسأل بعض الأسئلة المتعلقة بالحظ وهي هل أن حظ الانسان يتغير أم أن الشخص يبقى حظه كما هو عليه منذ ولادته، فالمحظوظ محظوظ والمنحوس منحوس لا يستطيع أن يتخلص مما هو به, كما أود أن أسأل هل بإمكان الشخص أن يفعل أعمالا تجعل حظه أفضل؟ وإذا كان كل شيء سيصيب الإنسان مكتوبا من قبل ولادته فهل هذا يبين لنا أننا خلقنا لنعبد الله ونمثل ما هو مكتوب لنا فقط؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فحظ الإنسان هو نصيبه في الخير والشر، وهذا إنما يكون بقضاء الله تعالى وقدره. وقد كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، ثم يُكتب رزق الإنسان وأجله وعمله وشقاوته أو سعادته مرة أخرى وهو في بطن أمه.

ولكن لا بد من الانتباه إلى أن القضاء نوعان: قضاء مبرم، وهو القدر الأزلي الذي لا يتغير. وقضاء معلق، وهو الذي في صحف الملائكة، وهذا يمحى ويثبت بحسب الأسباب التي يتعلق بها، فإنه يقال: اكتبوا رزق فلان أو عمره إن تصدق كذا، وإن لم يتصدق كذا. وفي علم الله وقدره الأزلي أنه سيتصدق أو لا يتصدق، وهذا النوع من القدر فسر به قوله تعالى: لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ * يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ {الرعد:38-39}

وبه يُفسَّر حديث: لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر. وراجع في ذلك الفتويين: 12638، 9040.

وبهذا يُعلم أن من الأسباب التي يتغير بها هذا النوع من المقادير: الدعاء والصدقة، وكذلك صلة الرحم.

فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه. متفق عليه.

وكذلك الاستغفار: لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ {النمل: 46}

وبصفة عامة فإن تقوى الله تعالى والاستقامة على طاعته من أسباب سعادة الإنسان في الدنيا قبل الآخرة.

قال تعالى : وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق:3،2}

وقال سبحانه: وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا {الجن: 16}

ثم ننبه السائلة على أن عقيدة القضاء والقدر لا تعني نفي اختيار العبد ومشيئته، وأنه مسير مسلوب الإرادة، وراجعي في ذلك الفتوى: 93158. ولمزيد الفائدة عن مفهوم القضاء والقدر ومراتبه وثمراته، يمكن الاطلاع على الفتويين: 67357 ، 20434.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني