الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية زكاة الأرض التي اشتريت بغرض البناء عليها وبيعها

السؤال

أرسل إليكم هذا الاستفتاء، وأرجو من الله سبحانه أن يوفقكم وترسلوا لي في أقرب وقت إجابة شافية.
الأمر الذي يخيفني يتعلق بركن الزكاة، فقد أخرتها أربعة شهور قرأت خلالها الكثير حول الموضوع، ولم أتوصل إلى نتيجة، وأخاف أن أموت ولم أخرج ما علي من زكاة في أراض عقارية! لي أرض اشتريتها بنية البناء عليها ثم بيع الشقق. أعرف أن زكاة عروض التجارة والعقارات تراعى فيها النية كثيرا، فاسمحوا لي بوصفها لكم بدقة: النية الأساسية عند شراء الأرض والغالبة وربما الوحيدة هي بيع الشقق و ليس كراؤها، و ذلك لسببين:
أولا: لأني لا أمتلك ابتداء إلا ما يكفي لبناء عشر المساحة المعدة لذلك، فالفكرة كانت بناء جزء ثم بيعه لكي أتمكن بربحه من بناء جزء آخر ثم بيعه وهكذا...
والسبب الثاني: هو أني أردت أن أوفر بسرعة مالا كثيرا لأبنائي ووالدي وأهلي وقرابتي ثم أنصرف وأتفرغ لمشاغل أخرى ليس فيها كسب.
الأرض كانت متعثرة لوجود خصومة قضائية حولها. صاحب الأرض ربح الاستئناف (والتعقيب) هذا الصيف والحكم الابتدائي منذ ثلاث سنوات دفعت له خلالها أقساط بموجب وعد بالبيع كتبه لي منذ ثلاث سنوات. لم يكتب لي عقد البيع إلا هذا الصيف واشترط فيه أن لا أسجل الأرض في المحكمة العقارية إلا بعد سنة (الصيف القادم) ولا أدري إن كان ذلك يعني عدم قدرتي على التصرف فيها والبناء عليها.
كيف تكون زكاة هذه الأرض والأقساط التي دفعتها في السنوات الماضية لصاحب الأرض نقدا؟ مع العلم أنه لم يكن لا ثقة ولا مليئا بل معسرا (غارما) على حد قوله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهذه الأرض لها حكم عروض التجارة ما دام السائل قد اشتراها بنية استثمارها بالبناء عليها وبيعها، وبالتالي تجب زكاتها بعد حولان الحول على أصلها الذي اشتريت به، إذا كان نصابا بنفسه أو بما ينضم لها من أموال أو عروض تجارية أخرى، بعد إسقاط ما بقي من ثمنها دينا عليك، وكذلك بقية الديون المتعلقة بذمتك، ما لم يكن عندك من المال غير الزكوي ما يفي بها أو ببعضها، فإنك في هذه الحال تجعل تلك الأموال في مقابلها أو مقابل بعضها، ثم تنقص ما يتبقى منها من أموالك الزكوية، ثم تزكي المجموع بإخراج ربع العشر (2.5%) وراجع في تفصيل ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 100552، 50930، 123033.

وهنا ننبه السائل على أن الزكاة حق لا يسقط بالتقادم، فإن ثبتت في الذمة ولم يخرجها صاحبها جهلا أو تهاونا وجب إخراجها عن السنين الماضية، وقد سبق لنا بيان كيفية ذلك في الفتويين رقم: 35577، 58320.

وأما مسألة شراء الأرض، فالذي فهمناه من السؤال أن صاحبها كتب عقد وعد بالبيع للسائل، ثم بعدها بثلاث سنوات كتب عقد البيع نفسه، فإن كان كذلك فما دفعه السائل من أقساط على مدار السنوات الثلاث لا يعتبر بيعا ولا يترتب عليه الملك للأرض، لأنه مجرد وعد بالبيع وليس بيعاً، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 25715.

وعلى ذلك، فهذه الأقساط المدفوعة خلال هذه المدة تزكى زكاة الأموال بشروط الزكاة المعروفة، ثم إذا دار حول على أصل المال، والأرض حينها مملوكة للسائل قومها وأخرج زكاتها، ولا تبدأ زكاتها كعروض تجارية إلا بعد امتلاك السائل للأرض بإتمام البيع.

وأما مسألة تسجيل الأرض في المحكمة العقارية فهي من باب التوثيق، وإلا فالبيع يصح ويترتب عليه أثره ولو لم يسجل في الدوائر الرسمية، ما توفر فيه الأركان والشروط التي سبق بيانها في الفتوى رقم: 15662.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني