الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف يفعل الأولاد إذا جاءهم من يدعي حقا على أبيهم بعد موته

السؤال

لقد قام والدي ـ رحمه الله ـ بتأجير الدور الأول من منزلنا لرجل يعمل فيها في نجارة الخشب وكان هذا العقد في سنة 1999 ميلادية وينتهي بعد خمس سنوات وكان موثقا في هذا العقد أن هذا الرجل سيقوم ببعض كماليات التشطيب مثل المحارة والبياض والزجاج والكوالين, فالمكان به الشبابيك والأبواب، وعندما انتهت مدة العقد تركه والدي سنتين بدون عقد وبدون أن يأخذ منه الإيجار لحسابات كانت بينهما، وبعد مرور السنتين اللتين بدون عقد قام والدي بتجديد العقد مرة أخرى لهذا الرجل لمدة خمس سنوات أخرى، ولكن لم يكن في العقد الجديد أي ذكر لتشطيب، أو مستحقات لهذا الرجل كما في العقد الأول، وحينما انتهت المدة الثانية امتنع عن الخروج من المكان المؤجر وقال أنا قمت بتشطيب هذا المكان ورفع علينا دعوى في المحكمة بالعقد القديم بأنه قام بتشطيب هذا المكان بأربعين ألف جنيه، وحينما كلمنا أحد المحامين قالوا لنا إن العقد الجديد يلغي العقد القديم وليس له حق فيما يدعيه، وحتى لو افترضنا أن أبي لم يقم بإنهاء الحساب القديم في السنتين اللتين لم يأخذ منه أجرة فيهما فنحن جئنا برجل يعمل في المحارة والبياض وقلنا له كم تتكلف محارة وبياض هذا المكان في سنة 1999م فقال لا تزيد عن ألفي جنيه أبدا مهما كان، وللعلم فإن والدي قبل وفاته قال لأخي إنه ليس عليه دين ولا مستحقات لهذا الرجل، ولكن هذا الرجل يقول إنه لم يأخذ من والدي ما قام به من تشطيبات ويطلب حقه، ولكنه يدعي أن له أربعين ألف جنيه زورا وبهتانا، فما حكم هذا الادعاء من غير دليل؟ ولماذا لم يكتب ماله من حق في العقد الثاني كما كتبه في العقد الأول؟ وهل حينما يأتي لنا أحد بعد وفاة والدي يدعي بأن له مالا ومن الممكن أن يكون هذا المال كثير من غير بينة ولا دليل نقوم بإعطائه له؟ وما حكم الشرع بارك الله فيكم في هذا الموضوع؟ فإنا وإن كنا نعلم أننا سنكسب هذه القضية في المحكمة وإن طالت، إلا أنني أريد أن أحتكم لشرع الله ولا أريد الخلاف مع هذاالرجل ولا نريد محاكم ونريد حلها بالشرع وبالود فهو جارنا في البلدة وكنت أكن له الإحترام ولكنني صدمت منه فإنه من المفترض كما يقول إنه كان من أحباء والدي ولكن بعد وفاة والدي لم نر لهذا الحب أثرا واضحا في التعدي على مال الورثة، فأنا سأرسل له هذه الورقة وبها إجابة فضيلتكم، فأريد من فضيلتكم الرد فلعل كلماتك تنزل على قلب هذا الرجل فيعطينا حقنا بدون عمل مشاكل مع بعضنا البعض فأخي يريد أن يطرده بالقوة ولكن أنا من يمنعه حتى نحكم شرع الله فينا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن كلمة الفصل في هذا النوع من المسائل هي للمحاكم الشرعية نظرا لامتلاكها من الوسائل ما تستطيع به الاطلاع على حيثيات النزاع، لكن نقول من حيث الإجمال، أنه لا يجوز للرجل المذكور عدم ترك المحل بعد انتهاء العقد، وإذا كان يدعي حقا على أبيكم فعليه أن يثبته بالبينة، فإذا أثبته، أو أقررتم له به لزم أداؤه إليه وهكذا في كل من يدعي مطالبة أبيكم بحق فإن أثبته ببينة، أو علمتم صحة دعواه ولو لم تكن له بينة، فعليكم أن تبرئوا ذمة أبيكم وتعطوا صاحب الحق حقه، وهذه الحقوق تكون في تركة والدكم وتعطى قبل قسمتها على الورثة، ومن لم تكن لديه بينة على صدق دعواه وأنتم لا تعلمون صدقه وتشكون في أمره وتوجهت اليمين إليكم فتحلفوا بالله تعالى أنه لا علم لديكم بحق له على أبيكم، وفي هذه الحالة يسقط حقه، لما روى الأشعث بن قيس: أن رجلا من كندة، ورجلا من حضرموت، اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم في أرض من اليمن، فقال الحضرمي: يا رسول الله إن أرضي اغتصبنيها أبو هذا، وهي في يده، فقال: هل لك بينة؟ قال: لا، ولكن أحلفه والله ما يعلم أنها أرضي اغتصبنيها أبوه، فتهيأ الكندي لليمين. رواه أبو داود.

ولم ينكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم.

قال ابن قدامة في المغني: ويحلف الوارث على دين الميت على العلم أي على مجرد علمه هو أنه لا يعلم حقا قبل مورثه للمدعي.

وهذا من حيث الإجراء القضائي الذي يقطع النزاع ظاهرا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني