الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب العلماء في اجتناب النجاسة في الصلاة

السؤال

أنا قرأت في أحد المواقع أنه يعفى عن يسير النجاسات، وقرأت أيضا ضابط اليسير المعفو عنه:قيل: ما لا يفحش في القلب، كل أحد بحسبه.وقيل: ما يعدها لإنسان في نفسه يسيرا. وقيل: الذي لا ينقض الوضوء.فأنا أعتبرها في قلبي أنها يسيرة جدا، فأرسلت لكم فتوى أني كنت أصلي وتوجد نجاسة يسيرة من الخارج من الدبر، وأنا أعلم بذلك قبل الصلاة، فأفتيتموني أنتم جزيتم خيرا أنه لايعفى عن يسير الخارج من الدبر، وأنا جاهل أن الخارج من الدبر لا يعفى عنه، فهل علي قضاء الصلوات؟ مع العلم أني لا أعرف كم عددها، وأنا لم أكن أترك النجاسة اليسيرة وأصلي إلا لأنني أعاني من الوسواس، فخفت أن يكبر معي الوسواس والحمد لله أنا الآن تغلبت على جزء كبير منه. فأفتوني جزيتم خيرا عن قضاء الصلوات، وهل عليّ إثم إذا لم أقضها وجزيتم كل خير، واعذروني لتكثير الأسئلة عليكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهذا الكلام الذي قرأته صحيح، وهو كلام فقهاء الحنابلة، ولا يخالف ما قلناه لك في الفتوى السابقة؛ لأن الخارج من الدبر ليس من النجاسات المعفو عنها، لكن اعلم أن مذهب الحنفية هو العفو عن يسير النجاسات المغلظة، وقد فصلنا مذهبهم في الفتوى رقم : 151085. فانظرها.

ولا حرج في العمل بهذا المذهب لمن كان مبتلى بالوسوسة، واعلم كذلك أن العلماء اختلفوا في حكم اجتناب النجاسة في الصلاة. فقال بعضهم هو شرط مطلقا، وقال بعضهم هو شرط مع العلم والقدرة، وهذا ما رجحناه في الفتوى رقم : 111752. وقال بعضهم هو واجب يأثم تاركه ولا تبطل صلاته، وهو ترجيح الشوكاني، وقال بعضهم هو سنة غير واجب. جاء في الموسوعة الفقهية : أما إزالة الخبث لمريد الصلاة فقد ذهب الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أنه شرط لصحة الصلاة إلا ما كان معفوا عنه، وللمالكية في حكم إزالة النجاسات عن ثوب المصلي وبدنه ومكانه قولان مشهوران :

أحدهما : أن إزالة الخبث عما ذكر سنة من سنن الصلاة على كل حال، سواء ذكرها أم لم يذكرها، وسواء قدر على إزالتها أم لم يقدر . والقول الثاني : أنها واجبة إذا كان ذاكرا وجودها وقدر إزالتها . انتهى.

وقد بينا في الفتوى رقم : 125010. أن الفتوى بالقول المرجوح بعد وقوع الفعل ومشقة التدارك مما سوغه كثير من العلماء، فإذا كان فعلك قد وقع موافقا لبعض المذاهب المعتبرة مع وجود الجهل منك والـتأويل، واعتقاد أن جميع النجاسات يعفى عنها فلا تلزمك إعادة شيء من الصلوات إن شاء الله. وإن أردت الاحتياط وقضاء هذه الصلوات فباب الاحتياط واسع. ولمعرفة كيفية القضاء إن أردت ذلك انظر الفتوى رقم : 70806.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني