الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بنت تضرب أمها وتسبها والأب راض ولا يسمح لبنته الأخرى بنهيها

السؤال

أخت لي في أوائل العشرينيات من عمرها، تصرخ على أمي وتسبها، وأنا قلبي يتقطع حيث لا يسمحون لي بالتدخل، وإن تدخلت تقع المشكلة فوق رأسي، مع العلم أن عمري 19 سنة، وقادرة على منعها وإن ضربتني، لكن المشكلة أنها تسب أمي، وأبي يسمع وراض، حتى أنه قبل يومين ضربت أمي، ولم أكن موجودة، لكني سمعتها، فذهبت وصرخت بوجهها، فهل أنا آثمة حين أراها تصرخ على أمي ولا أتدخل؛ لأنهم سيضعون مسؤولية تأجيج المشكلة علي، حيث يفضلون تجاهلها وعدم الخوض معها أكثر. وهل يجوز أن أتبرأ منها، فأنا أكرهها جدا وأبغضها، ولا تقل لي انصحوها؛ لأنها تتعلم في كلية الشريعة الإسلامية؛ لذلك ربما هي أعلم منا بأمور ديننا، ولكي لا تظنوا أنها تتعلم هذا العلم - الواجب علينا جميعا السعي إليه - حبا فيه ورغبة فيه، بل لأن هذا هو الموضوع الوحيد الذي استطاعت أن تتعلمه. وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد :

فإن كانت أختك تأتي بهذه الأفعال من سب أمها وضربها حال إدراك ووعي فهي عاقة لأمها، بل في أعلى مراتب العقوق، وتلك كبيرة من أكبر الكبائر التي تجلب سخط الله عز وجل ، فالواجب عليكم الإنكار عليها، ومنعها من هذا المنكر قدر الإمكان ، ولا يجوز لأبيكم أن يسكت على أفعالها المسيئة لأمها ، إلا أن تكون أختك معذورة بمرض نفسي أو عقلي ، فينبغي أن تسعوا في علاجها. أما إذا كانت تفعل ذلك مختارة فعليه أن يكفها عن هذا المنكر ، وعليك أن تبيني لها فحش معصيتها وفداحة جرمها، وتذكريها بما أوجب الله عليها من بر أمها والإحسان إليها، وتخوفيها عاقبة العقوق ، ولا يمنعك من ذلك كونها تدرس في كلية من كليات العلوم الشرعية، فلا يوجد أحد فوق النصح ، وإذا كان تدخلك بالإنكار على أختك وقت شجارها يترتب عليه مفسدة أكبر من فعلها، فلتكفي عن الإنكار باليد حينئذ، وانظري مراتب تغيير المنكر في الفتوى رقم : 22063 .

وأما عن تبرؤك منها وبغضك لها فينبغي أن تكون البراءة والبغض لأفعالها لا لذاتها ، وأن تحبي لها الهداية والصلاح ، فإنه ينبغي للمؤمن أن يتسع قلبه رحمة ورأفة للعصاة ، ويرجو لهم الهداية والتوبة.

قال ابن القيم في مشاهد الناس في المعاصي: أن يقيم معاذير الخلائق، وتتسع رحمته لهم ، مع إقامة أمر الله فيهم ، فيقيم أمر الله فيهم رحمة لهم ، لا قسوة وفظاظة عليهم. (طريق الهجرتين 1/154).

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني