الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الوضوء بغمس الأعضاء في الإناء

السؤال

عرفت أنه يصح الوضوء بغمس الأعضاء في وعاء فيه ماء، فهل يصح إذا كان في الوعاء مقدار يسير جداً من الدم؟ وهل يؤثر وجود بعض الشعرات في هذا الوعاء؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنه لا يشرع الوضوء بغمس أعضاء الوضوء في إناء أو وعاء يحوي ماء، لأن ذلك يجعل الماء مستعملاً في رفع حدث، وبالتالي فلا يجزئ الوضوء به عند جمهور أهل العلم خلافاً للمالكية فيكره عندهم الوضوء به مع وجود غيره، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 97679

هذا إذا كان الماء قليلا، فإن كان كثيرا فلا مانع من غمس العضو فيه لكثرته، ولا يؤثر ذلك على طهوريته، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 135429

أما عن وجود الدم في الماء فإنه إن غيره لم يصح به الوضوء، سواء كان الدم طاهرا أو نجسا، وسواء كان الماء قليلا أو كثيرا، فإن كان الدم نجسا كان الماء المتغير به كذلك، وإن كان طاهرا مثل دم عروق اللحوم المذكاة فالماء طاهر غير طهور، وإن لم يغيره وكان الدم طاهرا صح استعماله في الوضوء وغيره، وإن كان الدم نجسا، وكان الماء قليلا فقد اختلف أهل العلم في الماء القليل إذا وقعت فيه نجاسة ولم تغير أوصافه هل يتنجس أم لا؟ والذي نرجحه هو قول القائلين بتنجسه، والقليل ما كان أقل من القلتين، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 97136

ووجود شعرات في وعاء الماء لا يؤثر على طهوريته إن كانت من حيوان مباح مذكى، وكذلك إن كانت من آدمي عند الجمهور، فإن كانت ساقطة من حيوان حي أو من ميتة فللعلماء في حكم طهارة الشعر هنا خلاف وعلى كل حال، فإن كان الماء كثيرا لم تؤثر على طهوريته بالاتفاق إذا لم تغيره، وإن كان قليلا ولم يتغير لم تؤثر أيضا على طهوريته بناء على القول بطهارة سائر الشعور، وهو ما صححه شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ ففي الفتاوى الكبرى: وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ شَعْرَ الْإِنْسَانِ الْمُنْفَصِلِ عَنْهُ طَاهِرٌ كَمَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِهِ وَأَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَلَقَ رَأْسَهُ وَأَعْطَى نِصْفَهُ لِأَبِي طَلْحَةَ وَنِصْفَهُ قَسَمَهُ بَيْنَ النَّاسِ، وبَابُ الطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ يُشَارِكُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ أُمَّتَهُ، بَلْ الْأَصْلُ أَنَّهُ أُسْوَةٌ لَهُمْ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ إلَّا مَا قَامَ فِيهِ دَلِيلٌ يُوجِبُ اخْتِصَاصَهُ بِهِ، وَأَيْضًا الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ شُعُورَ الْمَيْتَةِ طَاهِرَةٌ، بَلْ فِي أَحَدِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّ جَمِيعَ الشُّعُورِ طَاهِرَةٌ حَتَّى شَعْرَ الْخِنْزِيرِ وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ إذَا سَرَّحَ شَعْرَهُ وَجَمَعَ الشَّعْرَ فَلَمْ يُتْرَكْ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَأَمَّا تَرْكُ شَعْرِهِ فِي الْمَسْجِدِ فَهَذَا يُكْرَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَجِسًا فَإِنَّ الْمَسْجِدَ يُصَانُ حَتَّى عَنْ الْقَذَاةِ الَّتِي تَقَعُ فِي الْعَيْنِ. انتهى.

وفي الموسوعة الفقهية: شَعْرُ الإِْنْسَانِ طَاهِرٌ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا، سَوَاءٌ أَكَانَ الشَّعْرُ مُتَّصِلاً أَمْ مُنْفَصِلاً، وَاسْتَدَلُّوا لِطَهَارَتِهِ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاوَل أَبَا طَلْحَةَ شَعْرَهُ فَقَسَمَهُ بَيْنَ النَّاسِ. انتهى.

وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 72214

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني