الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سوء معاشرة الزوج لزوجته لا يؤثر على كيفية عدتها منه لو توفي

السؤال

سؤالي هو: توفي زوحي ونحن في خلافات مستمرة ولا تنتهي من ضرب وشتم وإهانات وهجر بالشهور، وقبل وفاته بأيام قلائل ضاربني وإذا رآني أشاح بوجهه عني وأنا صابرة عليه لأجل ابنتي وابني، فهل أعتد عليه بنفس شروط العدة مع أنه لا يستحق وخاصة أنني لم أقم له بعزاء ورفضت أن يعزيني أحد لشدة كرهي له وكرهه لي واقتصرت عدتي عليه بعدم الزواج والزينة ولكن زيارات للأهل ودوامي في مدرستي والأماكن التي أرفه فيها عن طفلي لن أمنعها؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن إهانة الزوج لزوجته وشتمه إياها، أو هجره لها وضربه على غير الوجه المشروع، فكل ذلك من التصرفات التي لا تجوز شرعا، وهو من سوء العشرة ومخالف للتوجيه الرباني للزوج بحسن معاشرة زوجته، كما قال تعالى: وعاشروهن بالمعروف { النساء: 19 }.

وللمزيد بهذا الخصوص راجعي الفتويين التالية أرقامها: 69، 6804، 6897.

ومع هذا كله فإن المرأة إذا مات زوجها وجب عليها على كل حال أن تعتد عدة الوفاة امتثالا لأمر الله تعالى، قال سبحانه وتعالى: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا { البقرة:234 }.

وعدة الوفاة ليست من أجل حق الزوج فقط، وإنما هنالك العديد من الحكم لهذه العدة ومقاصدها، وقد سبق لنا ذكر جملة من ذلك فيمكنك مطالعة الفتوى رقم: 36398.

وسوء معاشرة الزوج زوجته لا تأثير له على كيفية عدتها منه، بل تعتد ملتزمة ما يجب التزامه في عدة الوفاة من ترك الزينة ولزوم بيتها، فما دمت في عدتك من وفاة زوجك فيجب عليك لزوم بيتك وعدم الخروج منه إلا نهارا لحاجتك بشرط مبيتك في بيتك، قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن المعتدة من وفاة: فإن خرجت لأمر يحتاج إليه ولم تبت إلا في منزلها فلا شيء عليها. اهـ.

وكذلك الخروج ليلا للضرورة بالشرط السابق أي المبيت في البيت، قال ابن قدامة في المغني: وليس لها المبيت في غير بيتها ولا الخروج ليلاً إلا لضرورة، لأن الليل مظنة الفساد، بخلاف النهار فإنه مظنة قضاء الحوائج والمعاش وشراء ما يحتاج إليه. اهـ.
ومجرد الخروج لزيارة الأهل أو الترفيه عن الأطفال لا يجوز ويجب عليك التوبة منه، وأما خروجك للعمل إذا كان لحاجة فلا حرج فيه بشرط مراعاة ضوابط الشرع عند الخروج من لزوم الستر ونحو ذلك، قال الشيخ ابن باز في فتاويه: ولها الخروج نهارا لعملها، لأنه من جملة الحاجات المهمة، وقد نص العلماء على جواز خروج المعتدة للوفاة في النهار لحاجتها، والعمل من أهم الحاجات، وإن احتاجت لذلك ليلا جاز لها الخروج من أجل الضرورة خشية أن تفصل، ولا يخفى ما يترتب على الفصل من المضار إذا كانت محتاجة لهذا العمل. اهـ.

وما كان ينبغي لك أن ترفضي أن يعزيك فيه أحد، فالتعزية مطلوبة شرعا على سبيل الاستحباب، لما في الحديث الذي رواه ابن ماجه وهو قوله صلى الله عليه وسلم: من عزى مصابا فله مثل أجره.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني