الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المرض المفاجئ أو موت القريب هل يسوغ للمحرم التحلل من إحرامه

السؤال

هل للمحرم ـ رجلاً كان أو امرأة ـ التحلل من إحرامه قبل تأدية العمرة أو الحج بسبب مرض مفاجئ أو سماع خبر وفاة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فليس للمحرم ـ رجلا كان أوامرأة ـ أن يتحلل من إحرامه قبل نهاية عمرته أو حجه بمجرد حصول مرض وأولى سماع خبر مفاجئ كوفاة أحد أو غير ذلك مما ليس عائقا عن إتمام النسك، إلا إّذا مرض مرضا لا يستطيع معه إكمال مناسكه، ففي هذه الحالة يحل من إحرامه وينحرهديا ويحلق وحكمه حكم من حصره العدو، لأن الراجح من قولي العلماء أن الإحصارَ يكونُ بالمرض كما يكونُ بالعدو، لعموم ظاهر قوله تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ { البقرة:196}.

فإن هذا الإحصار شامل لمن حصر بعدو أو بغير عدو كمرض وذهاب نفقة أو ما أشبه ذلك، ولا يلزمه قضاء النسك الذي أحصر فيه على القول الراجح، ففي التفسير للشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ عند تفسير الآية المذكورة: فظاهر الآية شمول الإحصار لكل مانع من إتمام النسك، فكل ما يمنع من إتمام النسك فإنه يجوز التحلل به وعليه الهدي، أما الإحصار بالعدو فأظنه محل إجماع فيتحلل بالنص والإجماع، النص: تحلل الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديبية والإجماع: لا نعلم في هذا مخالفاً، وأما الحصر بغير عدو، كمرض، أو كسر، أو ضياع نفقة، أو ما أشبه ذلك مما لا يستطيع معه إتمام الحج، والعمرة، فإن العلماء اختلفوا في ذلك، فمنهم من قال: إنه لا يتحلل، ويبقى محرماً حتى يزول المانع، ومنهم من قال: إنه يتحلل، كالحصر بالعدو ـ إلى أن قال: والصواب القول الثاني: أن الإحصار يكون بالعدو، وبغيره. انتهى.

وفي مجموع فتاوى ابن باز ـ رحمه الله تعالى: لأن الإحصار يكون بالمرض ويكون بالعدو على الصحيح. انتهى.

وكذلك إذا اشترط المحرم عند إحرامه أنه إن حبسه حابس فمحله حيث حبس، فإن اشترط ذلك ثم طرأ عليه مرض أوعائق قبل انتهاء نسكه يمنعه من إتمامه فله أن يتحلل، وفي هذه الحالة ليس عليه فدية ولا قضاء، ففي صحيح مسلم: عن عطاء عن بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لضباعة ـ رضي الله عنها: حجي واشترطي أن محلي حيث تحبسني.

وفي كشاف القناع: ومن شرط في ابتداء إحرامه أن يحل متى مرض أو ضاعت نفقته أو نفدت ونحوه كمتى ضل الطريق أو قال إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني فله التحلل بجميع ذلك، لحديث ضباعة بنت الزبيرالسابق وقوله صلى الله عليه وسلم: فإن لك على ربك ما اشترطت ـ ولأن للشرط تأثيرا في العبادات بدليل إن شفى الله مريضي صمت شهرا ونحوه. انتهى.

مع التنبيه على أن خبر وفاة أحد ليس حابسا عن إتمام النسك، وكنا قد أوضحنا هذا المعنى في الفتويين رقم: 116129، ورقم: 135038.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني