الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلاق الزوجة أم الستر عليها إذا وقعت في الفاحشة؟

السؤال

أنا رجل متزوج منذ سبع سنوات، وعندي ثلاثة أطفال ـ بنت وولدان ـ أخبرتني زوجتي أن هناك رجلا يهددها بصور فاضحة لها لا تعرف من أين أتى بها، ويريد أن يأتي إلى البيت ويعاشرها وهو يعلم أنني مغترب في دول الخليج، وعندما رفضت أصبح يهددها بالصور الفاضحة وبعض التسجيلات عندما كان يكلمها على الموبايل، وفجأة تطور الأمر وهرب خارج المدينة خوفا على حياته، وأرسل لي بعض الصور والتسجيلات تؤكد كل ما كان يقول من أنه مارس الزنا معها، وهي من أرسلت له هذه الصور ومشهد فيديو فاضح لهما، وعندما علم أخوها بهذا حبسها في بيت أهلها، وأحضر السكين ليقيم عليها الحد ويغسل عاره، وانتظر حتى يجلب له الصور شخص مقرب من العشيق، وعندما علمت بهذا الأمر مع العلم أنني بعيد 3000 كم عنهم اتصلت بأخي وجعلته يذهب للعشيق بسرعة ويحضر الموبايل الذي يحتوي على الصور والفيديو ويرسل لي نسخة ويحذف الباقي، وقلت له اترك بعض الصور التي لا تدينها ليراها أهلها ويتركوها لشأنها، والله يعلم أنني فعلت ذلك خوفا من الله وعلى أولادي، فمن سيعتني بهم وأنا في بلاد الغربة، والحمد لله أنقذتها من موت محتم، ولكن عندما ووجهت بالصور والفيديو في البداية أنكرت، وبعد ذلك اعترفت وقالت إن الشيطان أغواها لهذا الفعل الحرام، وقالت إنها تابت إلى الله توبة نصوحا ولن تعيد مافعلت، وإن لم أسامحها سوف تقتل نفسها، وطلبت مني فرصة أخيرة، علما أنها اعترفت أنها مارست الزنا معه أكثر من ثلاث مرات وأناغائب عنها بسبب عملي ستة أشهر، وقد حاولت بكل استطاعتي أن أستر عليها طمعا في الأجر والثواب من الله، فهل لي أجر في ذلك؟ وما هو حكم الدين في حالتي؟ أفيدوني أثابكم الله أرجو سرعة الرد، فأنا لم أنم منذ يومين، وأفكر في حل يرضي رب العالمين ويريحني، وقد تعبت من كثرة التفكير بحل يرضي الله ويضمن حياة ومستقبل أطفالي ـ بنت عمرها سنتان وولد أربع سنوات وولد سبع سنوات.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد أحسنت زوجتك بتوبتها من الوقوع في هذه الفاحشة والذنب العظيم، والذي هو كبيرة من كبائر الذنوب، خاصة وأنها متزوجة، وينبغي أن تعلم أن التوبة النصوح تستلزم شروطا معينة سبق بيانها بالفتوى رقم: 5450.

ويجب عليها أن تجتنب كل ذريعة يمكن أن تقودها للوقوع في الفاحشة مرة أخرى، فعليها أن تلتزم الستر وأن تجتنب مخالطة الأجانب أو الخلوة بهم ونحو ذلك من وسائل الزنا وهي مبينة بالفتوى رقم: 58914.

وهذا من جهتها هي، وأما من جهتك أنت فينبغي أن تسعى في كل ما يمكن أن يكون سببا في عفة زوجتك فلا تطيل عنها الغيبة، بل لا يجوز لك أن تغيب عنها أكثر من ستة أشهر إلا بإذنها، وإذا غبت عنها لعذر فاجعلها في مكان تأمن فيه عليها كأن تكون مع أهلها مثلا، ولا يجوز لأخيها أن يقيم عليها الحد، لأن إقامة الحدود ليس من شأن عامة الناس، بل هي إلى السلطان أو نائبه منعا للفوضى، كما أوضحنا بالفتوى رقم: 29819.

وما قمت به من الستر عليها وإنقاذ حياتها أمر محمود نرجو أن تؤجر عليه ـ بإذن الله تعالى ـ خاصة وأنها قد تابت، فنوصيك بأن تحسن عشرتها ما دامت قد تابت، ولكن يجب عليك استبراؤها بثلاث حيضات في قول بعض أهل العلم، ومن العلماء من يرى أنه يكفي في الاستبراء حيضة واحدة، وهذا فيما إذا لم تكن ظاهرة الحمل منك، أما إذا كانت ظاهرة الحمل منك فيجوز لك إتيانها من غير الاستبراء المذكور عند بعض أهل العلم، والأولى ترك إتيانها حتى تضع، وراجع الفتوى رقم: 57673.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني