الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عدم مشروعية تضمين القرآن في قصيدة غزلية أو فيما لا يليق بكلام الرب جل جلاله

السؤال

بسم الله
لقد أنشأت صفحة على الفيس بوك أسميتها( هشام الجخ يحرف القرآن فاحذروه يابني الإسلام )
تظهر هذه الصفحة وقوع الشاعر فى تحريف واضح للقرآن في شعره، واستخدام مقدسات الدين في شعره استخداما غير لائق.
فأتاني من قال لي: لا يحق لك أن تسمي هذا تحريفا للقرآن إنما هي بلاغة واقتباسات إبداعية.
فجئت أستفتيكم عن هذا الشعر لكي تكون فتواكم ردا عليهم ليحذروه وشعره أو ردا لي بأن هذا ليس تحريفا لأغير عنوان الصفحة
وإليكم بعضا من شعره.
يقول:
عنوان القصيدة بني الإنسان على خمس.
والخمس هن خمس بنات (أمَل – مَرْوَة – هَالَة – يَارَا – نَانَا)
ثم يقول فيها:
هجرَتْني أجسادُ النسوةِ مَنْ كُنَّ يعُمنَ بأنهاري
ويبتن على سلم بيتي (ويطفن ويحجُجْن لداري )
ويقمن الليل (لتسبيحي ) ( يتلين بهجدٍ أذكاري )
............................
قد كان النسوةُ بشبابي دفئي وغطائي وجداري
وأنا مَنْ يملكُ
مَنْ يحكم
(مَنْ يدخلهن إلى الجنة )
( أو يرسلهن إلى النار )
ومن شعره أيضا
قصيدة بعنوان (شيماء يامكه )
يقول في آخرها:
يكفاني أكون( عبدك )ويكفانى( تبجيلك)
ومن شعره يشبه محبوبته بالكعبة
يقول بالعامية المصرية:
لا أنا حِمل مهرك ودهبك ولا جاي معاي عاجِك
ده أنا بالكتير(حاجج) من وسط (حجاجك)
جيت لك في( شهر حرام) فمتهدريش دمي
وَلِّي( لحجاجك) يا أم( الجبين عرفات)
(((حبك كما الصلوات))) والقِبلة مش يَمِّك
وفي أخرى يقول:
سبحان إرادة انكل سام
(يرمز لإرادة الدول
الأجنية التى لاتُعارض من قبل العرب)
وأخيرا وليس آخرا
يقول:
ياخليج الأمة العربية
(اقرأ بسم ربك الذى خلق المسارح والمصايف والمطاعم والنساء)
فهل يجوز إطلاق لفظ تحريف القرآن استنادا على كلامه بالأعلى اقرأ باسم ربك الذى خلق المسارح والمصايف والمطاعم والنساء ؟؟
ثم ما حكم باقي شعره ؟؟؟
هل يجوز التلفظ بهذا الشعر أو سماعه؟؟
ننتظر فتواكم الكريمة والكثير ممن دخلوا إلى الصفحة وطلبوا فتوى دينية على هذا الكلام (الشعر موثق بصوته على الصفحة )
وجزاكم الله خيرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن ما ذكرت عن هذا الشاعر اشتمل على كثير مما لا يليق، ومن ذلك استخدامه العبارات الشرعية في الأمور الغزلية مثل قوله: بني الانسان على خمس، وكذا استخدام عبارات الطواف والذكر والتسبيح والتلاوة والذكر وقيام الليل والكعبة والحج وعرفات في ذلك، وأعظم من ذلك قوله إنه يملك أن يدخلهن الجنة أو يرسلهن إلى النار. وقوله: سبحان إرادة انكل سام واقتباسه العبارات القرآنية في خطابه للخليج اقرأ باسم ربك الذي خلق ....

فكل هذه الألفاظ لا تجوز ولا تجوز حكايتها .

وأما ما ذكر لك بعض الناس فالجواب عنه أنه يجوز الاقتباس من القرآن عند الجمهور ما لم يكن على سبيل الاستخفاف والاستهزاء، أو تضمين معنى في غير محله، ومن التضمين للقرآن في غير محله ما جاء في تلك العبارات الواردة في الشعر المذكور.

قال في الآداب الشرعية: سئل ابن عقيل عن وضع كلمات وآيات من القرآن في آخر نصوص خطبة وعظية: فقال: تضمين القرآن لمقاصد تضاهي مقصود القرآن لا بأس به تحسينا للكلام، وقد أنشدوا في الشعر: ويخزيهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنينا . اهـ.

وقال السيوطي في الإتقان: وفي شرح بديعية ابن حجة الاقتباس ثلاثة أقسام: مقبول ومباح ومردود..... وعد من الممنوع تضمين آية في معنى هزل ونعوذ بالله من ذلك كقوله:

أوحى إلى عشاقه طرفه === هيهات هيهات لما تـوعدون

وردفه ينطق مــن خلفه === لمثل ذا فليعمل العاملـــــون

قلت: وهذا التقسيم حسن جداً وبه أقول. انتهى.

وقال السيوطي أيضا في كتابه شرح عقود الجمان في المعاني والبديع والبيان عند الكلام عن الاقتباس والتضمين..:

قلت وأما حكمه في الشرع * فمالك مشدد في المنع.

وليس فيه عندنا صراحه * .....

قال في الشرح إنه سأل قاضي القضاة محي الدين بن أبي القاسم الأنصاري المالكي عالم الحجاز عن هذين البيتين:

مات ابن موسى وهو بحر كامل * فهناكم جمع الملائك مشترك

يأتيكم التابوت فيه سكينة * من ربكم وبقية مما ترك

فأجابه القاضي: هذا كفر عندنا.

وبناء عليه فليس ما فعله الشاعر من تضمين القرآن في قصيدة غزلية يعظم فيها المحبوب ويشبه بالكعبة بجائز، لما في الغزل من المنافاة لما يدعو له القرآن من العفة والبعد عن أسباب الفساد.
ويتعين التنبه إلى أن كتاب الله أنزل ليتدبر وهو كلام خالق السموات والأرض وخالق كل شيء، ومن جعله وسيلة تندر واستخدمه في الغزل فلا يؤمن أن يجره ذلك إلى ما أفتى به العلماء المتقدمون مستدلين بقول الله تعالى: قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ* لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ {التوبة:65-66}، فالأمر خطير جداً جداً.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني