الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عدم صحة القصة التي بعنوان: ميت يحكي قصة موته

السؤال

وصلتني قصة تحمل عنوان: ميت يحكي قصة موته. وهي تحكي عن الموت وأهواله بشيء من التفصيل، وذكر صاحب القصة أنها مسنودة على أحاديث صحيحة.
وسؤالي: هل يجوز ويصح ما بها وهل يجوز نشرها؟
كنت أريد أن أرسل رابط القصة للاطلاع عليها، ولكني عند ما أرسلت السؤال لأول مرة ومعه الرابط ظهرت لي رسالة بوجود خطأ، لا أدري هل إرسال الروابط ممنوع؟
عموما يمكن الاطلاع عليها عن طريق قوقل بكتابة عنوان القصة الذي ذكرته.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن من مات موتاً حقيقاً لا يعود إلى الدنيا، لقوله تعالى: وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ. {المؤمنون:100}، وقوله تعالى: وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ. {الأنبياء:95}، واستثنى الله تعالى من هذا الحكم العام من أحياهم لحكمة كما في قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ. {البقرة:243}.

وعليه فهذه القصة لا تصح، وظواهر النصوص تدل على عدم إمكان اتصال الموتى بأهليهم يقظة، كما في قوله تعالى المتقدم : وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ {المؤمنون: 100}. والبرزخ هو الحاجز بين الشيئين، و قوله تعالى: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً {الزمر: 42}.

وعن جابر بن عبد الله بن حرام رضي الله عنهما قال: لقيني النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي: يا جابر ما لي أراك منكسراً فقلت يا رسول الله استشهد أبي وترك عيالاً وديناً، فقال: ألا أبشرك بما لقي الله به أباك، قلت: بلى يا رسول الله، قال: ما كلم الله أحداً قط إلا من وراء حجاب، وإن الله أحيا أباك فكلمه كفاحا فقال: يا عبدي تمن أعطك، قال: تحييني فأقتل قتلة ثانية، قال الله: إني قضيت أنهم لا يرجعون... رواه ابن حبان في صحيحه. وقال الشيخ شعيب الأرناوؤط: إسناده جيد.
وفي رواية عن جابر رضي الله عنه قال: لما قتل عبدالله بن عمرو بن حرام يوم أحد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا جابر ألا أخبرك ما قال الله عزوجل لأبيك؟ قلت: بلى قال: ما كلم الله أحدا إلا من وراء حجاب وكلم أباك كفاحا فقال: يا عبدالله تمن علي أعطك. قال: يارب تحييني فأقتل فيك ثانية. قال: إنه سبق أنهم إليها لا يرجعون. قال: يا رب فأبلغ من ورائي، فأنزل الله هذه الآية: وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) {آل عمران}. رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني .

وبناء عليه، فلا ينبغي نشر هذا النوع من القصص المبنية على ما لا يثبت. وننصحك بالاعراض عن مثل هذه الأمور والاشتغال بتعلم وتعليم ونشر القرآن والأحاديث الثابتة امتثالا للنصوص الواردة في ذلك، ففي الحديث: بلغوا عني ولو آية. رواه البخاري. وفي الحديث: نضر الله امرءا سمع منا شيئا فبلغه كما سمع. رواه الترمذي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني