الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حلف بتحريم زوجته على عدم فعل شيء ثم فعله ناسيا

السؤال

أسألكم بالله أن تفتوني فيما هو آت، والرجاء قراءة الرسالة كاملة جزاكم الله خيرا: قلت لزوجتي أقسم بالله أن لا آتي هذا الفعل بعد ذلك فقالت لا يكفي، بل ائت بكتاب الله وأقسم عليه، ففعلت، فزادت وقالت لي ـ هذا حسب روايتها، لأنني لا أذكر جيدا ـ قل إني أكون محرمة عليك إن فعلت، وأنا والله لا أذكر إن كنت قلت ذلك أم لا غير أن الأمر التبس علي فتارة أميل إلى أنني قلته، وتارة لا أميل لذلك، ثم إني أتيت هذا الفعل وأنا ناس والله على ما أقول شهيد، فسألت شيخا فقال لي هذا ظهار وعليك كفارته فأطعته ولي الآن 10 أيام وأنا صائم ولله الحمد غير أنني وجدت على طريق الصدفة فتوي أن الظهار لا يكون ظهارا إلا باللفظ البين أو إن كان كناية عنه فنرجع إلى النية وأنا في الأصل عند ما قلت أنت علي حرام ـ إن كنت قلت ذلك ـ كنت أجهل أن هناك ما يسمي بالظهار أصلا ولا حول ولا قوة إلا بالله، فحدثتني نفسي كيف أكفر عن أمر يشترط في إقراره النية وأنا أجهل الأمر كله؟ ثم ماذا عن قول ابن عباس أو لا أذكر من القائل أنه إذا حرم الرجل زوجته فإنه يمين يكفرها وأضاف وكان لكم في رسول الله أسوة حسنة؟ أرجو منكم أن تفتوني فيما هو أقرب إلى التقوى، وأسألكم الدعاء لي إن كان في جماعه أو في مجلس علم أن ييسر الله لي طريقا إلى الجنة عسى أن يؤمن على دعائكم رجل صالح. وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فعلى فرض أنك حلفت بتحريم زوجتك ولم تقصد بالتحريم الطلاق ولا الظهار فحكمه حكم اليمين بالله ولا يقع بالحنث به طلاق أو ظهار، كما بيناه في الفتوى رقم: 14259.

وإذا كنت فعلت المحلوف عليه ناسياً فقد اختلف العلماء في وجوب كفارة اليمين في هذه الحال، والراجح عندنا ـ والله أعلم ـ عدم وجوب الكفارة، قال النووي الشافعي: فإذا وجد القول أو الفعل المحلوف عليه على وجه الإكراه أو النسيان أو الجهل سواء كان الحلف بالله تعالى أو بالطلاق، فهل يحنث قولان أظهرهما لا يحنث. اهـ

وقال البهوتي الحنبلي: فمن حلف على زوجته أو نحوها لا تدخل دارا فدخلتها مكرهة لم يحنث مطلقا، وإن دخلتها جاهلة أو ناسية فعلى التفصيل السابق فلا يحنث في غير طلاق وعتاق وفيهما الروايتان. اهـ

و قال شيخ الإسلام ابن تيمية: قَدْ يَفْعَلُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ نَاسِيًا، أَوْ مُتَأَوِّلًا، أَوْ يَكُونُ قَدْ امْتَنَعَ لِسَبَبٍ، وَزَالَ ذَلِكَ السَّبَبُ، أَوْ حَلَفَ يَعْتَقِدُهُ بِصِفَةٍ فَتَبَيَّنَ بِخِلَافِهَا، فَهَذِهِ الْأَقْسَامُ لَا يَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ عَلَى الْأَقْوَى. اهـ

وإذا أردت أن تكفر كفارة يمين احتياطا فهذا حسن، وراجع في كفارة اليمين الفتوى رقم: 2022.

نسأل الله أن ييسر أمرك، ويهديك لأرشد أمرك، ويدخلك الجنة بلا سابقة عذاب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني