الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفرق بين الحلف والنذر

السؤال

حلفت بالله إذا زال العارض الصحي لابني أن أذبح ذبيحة شكرا لله عز وجل، وبعد أن تم الشفاء ولله الحمد قررت أن أستبدل الذبيحة بمواد غذائية، لأنها أفضل وأكثر إفادة من الذبيحة، وتغيير رأيي ليس لأنها غالية، بل لأن الفائدة أكبر إذا كانت تموينا، مع العلم أنني سأشتري المواد الغذائية بنفس قيمة الذبيحة التقديرية ـ أي 800 ريال تقريبا ـ فهل يجوز لي ذلك؟ وهل علي كفارة يمين؟ وإذا كانت علي كفارة فهل أستطيع أن أحسبها من ضمن المبلغ؟ وهل إذا خصصت مبلغا منها لأخي المحتاج أو أهلي، علما بأنهم من مستفيدي الضمان الاجتماعي يصح ذلك؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاستبدال الذبيحة التي حلفت عليها بالمواد الغذائية لأنها خير منها وأكثر نفعا للفقراء والمساكين لا يحصل به البر في اليمين التي حلفت عليها، ولكن ذلك صواب، لما رواه مسلم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه.

وجاء في الموسوعة الفقهية تفصيل جميع حالات الحالف وحكم حنثه في كل حالة: إن حلف على فعل واجب، أو ترك حرام فيمينه طاعة، والإقامة عليها واجبة، والحنث معصية، وتجب به الكفارة، وإن حلف على ترك واجب، أو فعل حرام، فيمينه معصية ويجب عليه أن يحنث ويكفر عن يمينه عند الجمهور، وإن حلف على فعل نفل، فالإقامة على ذلك طاعة، والمخالفة مكروهة، وعليه كفارة بالحنث، لخبر: إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فكفر عن يمينك وأت الذي هو خير ـ وإن حلف على ترك نفل، فاليمين مكروهة والإقامة عليها مكروهة، وإن حلف على مباح كدخول دار، ولبس ثوب أو تركهما فله أن يقيم على اليمين وله أن يحنث، والأفضل ـ عند الجمهور وفي الصحيح عند الشافعية ـ الإقامة على اليمين، لقوله تعالى: ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها ـ وفي الجملة إذا حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها استحب له الحنث والتكفير، لقوله صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها، فليكفر عن يمينه وليفعل ـ ولما فيه من تعظيم اسم الله تعالى. اهـ.

ويمكن أن توزعي من هذه المواد على أخيك المحتاج وعلى أهلك غير الوالدين إذا كانوا محتاجين كذلك، وانظري الفتوى رقم: 76298.

والحنث في هذه اليمين يحصل بفوات الزمن المحلوف على الذبح فيه إن كان له زمن محدد باللفظ أو القصد، وإن لم يكن له زمن منوي فإن الحنث يكون بتعذر فعل المحلوف عليه، ولكن جمهور أهل العلم أباحوا التكفير قبل الحنث، كما في الفتوى رقم: 17515.

ومنهم من أوجب الكفارة بمجرد العزم على الضد.

وكفارة اليمين هي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن لم تجدي شيئا من ذلك فعليك صيام ثلاثة أيام، ولا علاقة لهذه الكفارة بما توزعينه من مواد، فلا بد من إخراج الكفارة كاملة أو الصيام عنها عند العجز عن إخراجها.

وجميع ما ذكرناه هو على تقدير أنك حالفة ـ كما ورد في السؤال ـ وأما لو كان القصد أنك ناذرة للفعل المذكور، فإن الواجب حينئذ هو فعل الأمر المنذور إن كان على وجه القربة وبلفظ يفيد الالتزام، ولا يجوز الاستعاضة عنه بغيره ولو كان أكثر نفعا للفقراء، وإن لم يكن على وجه التقرب، بل مجرد الذبح، أو كان على وجه التقرب وكان بصيغة لا تفيد الالتزام فإنه لا يجب عليك شيء مما ذكر، فلك أن تفعلي منه ما أردت وتتركي ما أردت.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني