الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحامل إن صلت جالسة فهل تصح صلاتها

السؤال

إني حامل في الشهر السادس وأصلي الفرض وأنا جالسة، لأنني أحيانا أعاني من ألم في الظهر وقد تعودت على ذلك، لكن بالإمكان تأديتها وأنا واقفة، فهل ما أديته من الفروض مقبول أم لا؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن القيام في صلاة الفريضة فرض من فروض الصلاة التي لا تصح إلا بها، وعليه فإذا كان بإمكان السائلة أداء الصلاة قائمة دون مشقة شديدة، فليس لها أن تصلي جالسة، ولا تجزئها الصلاة على تلك الحالة، وعليها قضاء الصلوات التي أدتها وهي تستطيع القيام دون مشقة ظاهرة، وذهب بن تيمية ومن وافقه إلى أن من ترك شيأ من أركان الصلاة جهلا لا قضاء عليه وانظر الفتوى رقم: 125226.

أما إذا كانت المشقة شديدة، أو خافت زيادة مرض، خوفا محققا أو مظنونا، فلها أن تصلي جالسة، وصلاتها مقبولة ـ إن شاء الله تعالى ـ إذا توفرت فيها شروط القبول، فقد أجمع أهل العلم على أن المريض الذي لا يستطيع القيام في الفريضة يعذر في ذلك ويصلي جالساً وله الأجر الكامل كما لو صلَّى وهو قائم، وليس المراد بالمشقة الشديدة أو الظاهرة العجز عن القيام، كما أن المشقة الخفيفة مثل حصول ألم خفيف غير معتبرة فليست عذرا لترك ركن القيام في الصلاة، قال النووي في المجموع: أجمعت الأمة على أن من عجز عن القيام في الفريضة صلاَّها قاعداً، ولا إعادة عليه، قال أصحابنا: ولا ينقصُ ثوابُه عن ثوابِه في حال القيام، لأنه معذورٌ، وقد ثبت في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحاً مقيماً ـ قال أصحابنا: ولا يُشترط في العجزِ أن لا يتأتَّى القيامُ ولا يكفي أدنى مشقة، بل المُعتبر المشقّةُ الظاهرة، فإذا خاف مشقةً شديدةً أو زيادة مرضٍ أو نحو ذلك أو خاف راكبُ السفينة الغرق أو دوران الرأس صلَّى قاعداً ولا إعادة. انتهى.

وقال ابن قدامة ـ رحمه الله: وَإِنْ أَمْكَنَهُ الْقِيَامُ إلا أَنَّهُ يَخْشَى زِيَادَةَ مَرَضِهِ بِهِ, أَوْ تَبَاطُؤَ بُرْئِهِ, أَوْ يَشُقُّ عَلَيْهِ مَشَقَّةً شَدِيدَةً فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا، وَنَحْوَ هَذَا قَالَ مَالِكٌ وَإِسْحَاقُ. انتهى.

وفي الإقناع للشربيني في الفقه الشافعي: ومن عجز عن القيام في الفريضة صلى جالسا، للحديث السابق وللإجماع على أي صفة شاء، لإطلاق الحديث المذكور، ولا ينقص ثوابه عن ثواب المصلي قائما، لأنه معذور، قال الرافعي: ولا نعني بالعجز عدم الإمكان فقط، بل في معناه خوف الهلاك أوزيادة المرض أو خوف مشقة شديدة أو دوران الرأس في حق راكب السفينة كما تقدم بعض ذلك كله، قال في زيادة الروضة الذي اختاره الإمام في ضبط العجز أن تلحقه مشقة تذهب خشوعه، لكن قال في المجموع إن المذهب خلافه، وجمع بين كلامي الروضة والمجموع بأن إذهاب الخشوع ينشأ عن مشقة شديدة . انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني