الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل من أكثر من ذكر الله يندم في الجنة على تفريطه فيما سلف

السؤال

قول النبي صلى الله عليه وسلم ما معناه: ليس يستحسر أهل الجنة إلا على ساعة لم يذكروا الله فيها ـ من كان غافلا عدة سنوات عن الذكر والعبادة ثم تاب إلى الله عز وجل، وأصبح يذكر الله دائما على كل حال، وتاب من تقصيره في الذكر، فهل يندم مع ذلك على ما فاته من الذكر في أول عمره أم لا يندم؟ وماذا يفعل حتى لا يكون من هؤلاء النادمين يوم القيامة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن من فضل الله تعالى على عباده ورحمته بهم أن من تاب منهم وعمل صالحا تاب الله عليه وقبل توبته وبدل سيئاته حسنات، كما قال تعالى: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان:70}.

وما يفعله هذا التائب من المداومة على ذكر الله هو أفضل ما يعوض به ما فاته من الخير، فقد روى الإمام مالك في الموطأ وغيره عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأرضاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إعطاء الذهب والورق، ومن أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ذكر الله.

وقال معاذ بن جبل: ما عمل امرؤ بعمل أنجى له من عذاب الله عز وجل من ذكر الله.

وفي الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: جاء الفقراء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: ذهب أهل الدثور من الأموال بالدرجات العلا والنعيم المقيم، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضل من أموال يحجون بها ويعتمرون ويجاهدون ويتصدقون. قال ألا أحدثكم بأمر إن أخذتم به أدركتم من سبقكم ولم يدرككم أحد بعدكم وكنتم خير من أنتم بين ظهرانيه إلا من عمل مثله تسبحون وتحمدون.. الحديث.

ولفظ الحديث المشار إليه: ليس يتحسر أهل الجنة إلا على ساعة مرت بهم لم يذكروا الله فيها. رواه الطبراني في الكبير والبيهقي في شعب الإيمان، وقال عنه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب وضعيف الجامع الصغير: ضعيف.

وإذا صح الحديث فإن التحسر المذكور فيه عام لمن غفل من أهل الجنة عن ساعة لم يذكر الله فيها، سواء كان ملتزما في عمره أو مفرطا في شيء منه، والندم الوارد فيه لأهل الجنة ـ إن صح ـ إنما هو في الموقف لا في الجنة كما قال أهل العلم وكما سبق بيانه في الفتوى رقم: 160639.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني