الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

على من بلغ غيره حكما شرعيا غير صحيح أن يعيد تبليغه بالصحيح

السؤال

أردت سؤالكم عن حكم إعطاء معلومة خاطئة بالأحكام الشرعية لأناس آخرين مع أنني كنت أعتقد أنها صحيحة: فمثلا عندما أتصفح المنتديات أجد بعض الناس يضعون صور لاعبين ظاهرة عوراتهم، فكنت أرسل لهم رسالة تنبههم على أن عورة الرجل من السرة إلى الركبة، وبعد أن راسلت العديد من الناس بهذا الأمر، ومضى الكثير من الوقت اكتشفت أن السرة والركبة ليستا عورة، لكن العورة ما بين السرة والركبة، لذلك أردت سؤالكم: هل يجب علي الآن مراسلة جميع الناس الذين أخبرتهم في المرة الأولى أن السرة والركبة ليستا عورة أم ماذا؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيجب على المسلم أن يتثبت فيما يقوله أو يرشد إليه لا سيما فيما يتعلق بالأحكام الشرعية، كما أن المسائل المختلف فيها لا يطالب بإنكارها، وهذه المسألة محل خلاف بين أهل العلم، وانظر الفتوى رقم: 175301.

وعلى كل، فإذا كان مضمون رسالتك أن عورة الرجل هي من السرة إلى الركبة فهي صحيحة في الجملة، لأن العبارة تحتمل إخراج الغاية، ولأن من أهل العلم من يرى أنهما من العورة وإن كان الراجح أن العورة ما بينهما، وعليه فلك أن ترسل رسالة أخرى تبين فيها أن عورة الرجل هي ما بين السرة والركبة على الصحيح، ولك ألا ترسلها أيضا نظرا لما تقدم، ولأن سترهما أولى على كل حال، ففي نيل الأوطار عند شرح حديث أبي موسى: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَاعِدًا فِي مَكَان فِيهِ مَاءٌ فَكَشَفَ عَنْ رُكْبَتَيْهِ أَوْ رُكْبَتِهِ فَلَمَّا دَخَلَ عُثْمَانُ غَطَّاهَا ـ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ: الْحَدِيثُ فِي الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ ... وَاسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ بِهِ وَبِمَا بَعْدَهُ لِمَذْهَبِ مَنْ قَالَ: إنَّ الرُّكْبَةَ وَالسُّرَّةَ لَيْسَتَا مِنْ الْعَوْرَةِ، أَمَّا الرُّكْبَةُ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنَّهَا لَيْسَتْ عَوْرَةً، وَقَالَ الْهَادِي وَالْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَعَطَاءٌ وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ: إنَّهَا عَوْرَةٌ، وَأَمَّا السُّرَّةُ فَالْقَائِلُونَ بِأَنَّ الرُّكْبَةَ عَوْرَةٌ قَائِلُونَ بِأَنَّهَا غَيْرُ عَوْرَةٍ وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ، فَقَالَ: إنَّهَا عَوْرَةٌ عَلَى عَكْسِ مَا مَرَّ لَهُ فِي الرُّكْبَةِ .. ثم ذكر الشوكاني أدلة الفريقين وخلص إلى أن القائلين بأن الركبة والسرة من الرجل عورة مطالبون بالدليل فقال: وَالدَّلِيلِ عَلَى مُدَّعِي أنَّهُمَا عَوْرَةٌ، وَالْوَاجِبُ الْبَقَاءُ عَلَى الْأَصْلِ وَالتَّمَسُّكِ بِالْبَرَاءَةِ حَتَّى يَنْتَهِضَ مَا يَتَعَيَّنُ بِهِ الِانْتِقَالُ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَالرُّجُوعُ إلَى مُسَمَّى الْعَوْرَةِ لُغَةً هُوَ الْوَاجِبُ، وَيُضَمُّ إلَيْهِ الْفَخِذَانِ بِالنُّصُوصِ السَّالِفَةِ. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني