الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشروعية دفع االحي مالا لمن يتولى إجراءات جنازته حال موته

السؤال

هل يجوز للمقيمين في دار الغربة(أوروبا) أن يضعوا نسبة من المال لتجهيز إجراءات الجنازة عند المتخصصين بهذا العمل، مع العلم أنهم غير مسلمين، وأن هذا العمل بدون ربا(أي ضمانا للمستقبل خوفا أن لا نجد من يتكلف بنا عند حدوث الواقعة) وهل التفكير في المستقبل جائز أم لا؟ بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما التفكير في المستقبل فإنه جائز، لكن لا ينبغي للعبد أن يشغله التفكير في أمور الدنيا عن الفكر فيما هو أهم وأجدى عليه وهو الفكر في الآخرة والاستعداد لها، وأما دفع المال لمن يتولى إجراءات الجنازة في حال الحياة فلا حرج فيه، وقد طلب الصحابي بردة النبي صلى الله عليه وسلم لتكون كفنه.

قال الحافظ في فوائده: فيستفاد مِنْهُ جَوَازُ تَحْصِيلِ مَا لَا بُدَّ لِلْمَيِّتِ مِنْهُ مِنْ كَفَنٍ وَنَحْوِهِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ.... وَقَالَ ابن بَطَّالٍ فِيهِ جَوَازُ إِعْدَادِ الشَّيْءِ قَبْلَ وَقْتِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ، قَالَ: وَقَدْ حَفَرَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّالِحِينَ قُبُورَهُمْ قَبْلَ الْمَوْتِ، وَتَعَقَّبَهُ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ بِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَقَعْ مِنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ قَالَ وَلَوْ كَانَ مُسْتَحَبًّا لَكَثُرَ فِيهِمْ. انتهى.

فالعمل بالقول المجيز هنا مما لا بأس به خاصة مع وجود الحاجة، لكننا ننبه إلى أن الكافر لا يتولى تغسيل المسلم في قول الجمهور لاشتراط النية من الغاسل وليس الكافر أهلا لها، وأجاز أن يغسل الكافر المسلم الشافعية في الأصح عندهم.

قال في حاشية الروض: ويشترط لغُسْله إسلام غاسل، لاعتبار نية، ولا يصح من كافر، وحكي إجماعًا، وقيل: يصح إذا كان الكافر نائبًا عن مسلم نوى غسله. وقدمه في الفروع، وظاهر كلام أحمد لا يصح مطلقًا، لقوله عليه الصلاة والسلام «لوا أخاكم» ولأن الغسل عبادة، وليس الكافر من أهلها، ولأنه نجس، فلا يطهر غسله المسلم، وهذا مذهب جمهور أهل العلم، أبي حنيفة ومالك وغيرهما، وقول للشافعي. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني