الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المرأة إن ادعت تطليق زوجها لها فأنكر فلا تصدق بلا بينة

السؤال

لقد قرأت الآتي في كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع المجلد الخامس عشر لابن عثيمين، بَابُ الْيَمِينِ فِي الدَّعَاوَى:
ثانياً: الطلاق: مَنْ المدعي؟ كلاهما، فهي تريد أن تتخلص منه فتدعي أنه طلقها، أو هو يريد أن يتخلص منها فيدعي أنه طلقها منذ زمن، يريد أن ينفي النفقة، فالذي يدعي الطلاق، نقول له: عليك البينة، فإن لم يأتِ بالبينة فهل يحلف الآخر؟ الجواب: إذا ادعت هي أنه طلق، وقال: ما طلقت، ولم تأتِ ببينة فنقول للزوج: الزوجة زوجتك، وإذا ادعى هو أنه طلقها نقول: ائتِ بالشهود، فإن لم يكن عنده شهود فلا نحلفها أنه لم يطلقها، لأن الأصل بقاء النكاح ـ لقد نقلت لكم الجزء الذي أريد السؤال فيه، وتساؤلاتي:
1ـ لقد فهمت أن المرأة إذا ادعت الطلاق على زوجها طالما أنه ليس لها بينة فلا يعتبر ذلك طلاقا، فهل ما فهمته صحيحا؟ وهل البينة هي شاهدان اثنان على الطلاق؟ فالكاتب يقول إن المرأة تدعي الطلاق لتتخلص من زوجها أي أنها تكذب، فهل إذا كانت لا تكذب أي أنها تقول إن زوجها طلقها وليس لها بينة والزوج يقول إنه لم يطلقها لا يعتبر ذلك طلاقا أيضا.
2ـ بالنسبة للزوج فالكاتب يقول إنه ـ أي الزوج ـ وإذا ادعى هو أنه طلقها نقول: ائتِ بالشهود، فإن لم يكن عنده شهود فلا نحلفها أنه لم يطلقها، لأن الأصل بقاء النكاح، كيف ذلك؟ أليس من المفروض أن الرجل يصدق إذا قال إنه طلق زوجته؟ فكيف نطلب منه شهودا؟ وكيف يكون النكاح باقيا؟.
3ـ الكلام الذي قاله مؤلف الكتاب في الجزء الخاص بالطلاق والذي نقلته لكم في أول رسالتي هذه، فهل هو صحيح أم لا؟ يعني هل توافقون على هذا الكلام؟ وهل يوافق عليه أهل العلم، أم أنه ليس بصحيح؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فليعلم السائل أولا أن الموضوع هنا والسياق الذي ورد فيه هذا الكلام هو الدعاوي والأيمان وليس في سياق أحكام الطلاق ووقوعه أو عدم وقوعه ـ كما هو واضح ـ فالشيخ يريد أن يبين أن المرأة إذا ادعت أن زوجها طلقها وأنكر فإنها لا تصدق ولا بد من بينة على دعواها والقاضي لا يبحث عن صدق المدعي أو كذبه في نفس الأمر، وإنما يكلفه بالبينة، والبينة هنا شاهدان، قال ابن قدامة رحمه الله: إذا ادعت المرأة أن زوجها طلقها فأنكرها فالقول قوله، لأن الأصل بقاء النكاح وعدم الطلاق إلا أن يكون لها بما ادعته بينة، ولا يقبل فيه إلا عدلان ونقل ابن منصور عن أحمد أنه سئل: أتجوز شهادة رجل وامرأتين في الطلاق؟ قال: لا والله.

كما أن الرجل إذا ادعى أنه طلق زوجته منذ زمن يريد بذلك أن نفقتها سقطت عنه لانتهاء عدتها وادعت المرأة خلاف ذلك تريد نفقتها، فإن دعوى الرجل هذه لاتقبل ولا تسقط بها النفقة إلا إذا أتى ببينة تشهد له: فهذا هو المعنى المقصود من كلام الشيخ هنا، أما وقوع الطلاق أو عدم وقوعه بدعوى الزوج أصل الطلاق لا وقته أو ماذا تفعل المرأة إذا تيقنت أن زوجها طلقها، فهذا غير مقصود هنا، وتراجع فيه الفتوى رقم: 69287.

واعلم أن هذا الكتاب شرح لمتن من أشهر متون الفقه الحنبلي وشارحه العلامة الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ فقيه حنبلي من أكبر علماء هذا القرن، وانظر الفتوى رقم: 76359.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني