الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تحريم الزوجة مرده إلى نية الحالف

السؤال

متزوج منذ7 سنوات ولدي ثلاثة أولاد والحالة المادية تعيسة كلها ديون حتى زواجي استدنت فيه لأستطيع الزواج في سن الثلاثين، أعمل بمكان عام مختلط، فيه موظفون من الجنسين، وطبيعة عملي تجعلني أقابل النساء وأن تكون هناك أحاديث مع زميلات العمل ضمن أمور العمل، وهذا أساس المشكلة ولا يمكن تغيير العمل، لأن شهادتي في هذا المجال، وفي بداية الزواج كانت هنالك خلافات بيني وبين زوجتي بسبب غيرتها غير العادية بسبب ما عانته من خيانة والدها لوالدتها التي توفيت قبل زواجي، وبسبب زواج والدها من زميلته في العمل التي حسب قولها كان له معها علاقة لم تعرف مداها، ولا زالت هذه الغيرة موجودة لديها بشكل كبير، ولكنني بدأت أتلاعب عليها بالقيام بكل ما تريده حتى لو اضطرتني لأن أحلف بالله على أشياء تافهة وحتى لو كان كذبا لأتخلص من المشاكل التي ستحصل بيننا في حال أخبرتها بالحقيقة، وليست هنا المشكلة:
1ـ بعد الزواج بحدود شهرين وقعت مشكلة كبيرة بيننا بسبب غيرتها فقد خرجت من المنزل لمكان كنا نتقابل فيه ونحن في فترة الخطبة فتبعتها وحاولت إعادتها للبيت فرفضت وأخذ صوتها يعلو في الشارع وكذلك صوتي وقامت بشتم والدي ووالدتي وقد كنت في قمة الغضب وقتها فوقع علي ذلك كالصاعقة فقمت بتطليقها من فوري طلقة واحدة، وعدت للمنزل وعادت هي بعدي، وفي المساء تراضينا وفي اليوم الثاني ذهبت إلى دار الإفتاء فطلب مني دفع فدية بسيطة لمسكين وأنا لم أكن أعرف أحدا من المساكين يومها لأدفع له المبلغ المطلوب، فدفعت نصف ما معي من نقود؟ ونسيت بعدها الدفع إلى الآن.
2ـ لم تتوقف النزاعات بيننا لنفس السبب ـ الغيرة ـ وبعد عدة سنوات أتوقع بعد السنة الرابعة كانت هناك مشادة كلامية كبيرة بيننا ولم تنته وحان موعد عملي الإضافي بعد العصر فقامت بإغلاق الباب بالمفتاح ورفضت إعطائي إياه فحلفت عليها بالحرام أن تعطيني المفتاح قبل مضي خمس دقائق، وأتوقع أنني عنيت بالحرام وقتها الطلاق، ولكنها رفضت فتح الباب وانقضت المدة التي حددتها، وبعد انقضاء المدة بأكثر من عشر دقائق فتحت الباب وبعد عودتي أيضا تم الصلح ولم أراجع المفتي.
3ـ الآن سافرت لدولة أخرى للعمل ولسداد الديون المتراكمة علي منذ تسعة أشهر، وقبل سفري قامت زوجتي بجلب القرآن وأجبرتني على الحلف على القرآن وأن أحلف بالحرام منها بأن لا أشاهد الحرام ولا أتحدث مع البنات ولا أشاهد التلفاز... وأشياء كثيرة وأن لا أعود للتدخين فحلفت لها بالحرام أن لا أشاهد شيئا وأن لا أتحدث مع أي بنت وأن لا أتابع أي قناة لا تعجبها أو فيها محرم، ولكنني بسب ضغوط العمل عدت للتدخين، وبعد مدّة ليست بالبعيدة حصلت عدّة مشادات كلامية كبيرة بيننا على الهاتف وبعد إحداها وكانتقام منها وكنوع من التخفيف عن نفسي أخذت أتابع القنوات التلفزيونية من أفلام أجنبية على القنوات العربية وأتسلى قليلا وبعدها اشتريت لاب توب وقمت بالدخول إلى بعض المواقع الإباحية وكنت أقول في نفسي أن أشاهد هذه المواقع خير لي من أن أقع في الحرام وهو شبه متاح لي بحكم عملي مع غير المسلمات اللواتي لا يراعين الاحتشام في لبسهن، أسكن في غرفة مع أبي وأمي، وشقيقي المتزوج في نفس الشقة ولا أريد للمشاكل أن تصل أهلي أو أن يسمعوا بها أو يسمعوا الشجار الذي بيني وبين زوجتي، لأن علاقتها بهم ضعيفة ويكرهونها ولا مكان تذهب إليه، فوالدها توفي منذ سنة، وزوجة أبيها استولت على منزل أبيها وحالتهم المادية ضعيفة، فكل نزاع بيننا أضع هذه الأشياء أمامي وأحاول أن لا أؤذيها بأي شيء، والسؤال: أين أنا من زواجي؟ وما هو رأي الشرع فيه حاليا؟ فعودتي للبيت بعد عدة شهور وأفكر في هذا الموقف الذي وصلت إليه، وهل أتابع زواجي؟ وهل أصبحت زوجتي طالقا مني؟ وهل زواجي تشوبه الحرمات لعدم دفع الفدية الأولى؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا كنت لم تقصد الطلاق حين حلفت بالحرام في المرة الثالثة فلم يقع على زوجتك طلاق بحنثك في هذه اليمين وانظر الفتوى رقم: 14259.

والعبرة بنيتك لا بنية زوجتك، لأن هذه الأمور التي حلفتك عليها تتعلق بحق الله وليس بحقها، والمعتبر نية الحالف ما لم يكن ظالما يترتب على حلفه ضياع حق المستحلف، قال الرحيباني رحمه الله: وَيُبَاحُ التَّأْوِيلُ لِغَيْرِهِ أَيْ: غَيْرِ الظَّالِمِ مَظْلُومًا كَانَ أَوْ لَا، ظَالِمًا وَلَا مَظْلُومًا.

وتراجع الفتوى رقم: 128196.

لكن عليك كفارة يمين بحنثك في هذه اليمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فإن لم تجد ذلك فعليك صيام ثلاثة أيام، وراجع الفتوى رقم: 2022.

وأما بخصوص الحالة الثانية فقد ذكرت أنك حلفت على زوجتك بالحرام أن تعطيك المفتاح قبل مضي خمس دقائق فلم تفعل ، وحيث إنك كنت تقصد الطلاق فإنها تعد طلقة لأن التحريم مرده إلى النية كما سبق بيانه في الفتوى رقم : 30708.

وأما الطلاق الأول الذي صدر منك فلا ندري وجه إيجاب الكفارة عليك، ويمكنك مراجعة دار الإفتاء بشأنها، وعلى أية حال فإن ترك إخراج الكفارة لا أثر له على عصمة الزوجية وعليه، فزوجتك لا تزال في عصمتك، لكن عليك المبادرة بالتوبة إلى الله مما وقعت فيه من المحرمات كالدخول إلى المواقع الإباحية ومشاهدة الأفلام الخليعة والتدخين وإطلاق البصر في الحرام، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب والندم على فعله والعزم على عدم العود إليه، وعليك أن تبحث عن عمل مباح لا يختلط فيه الرجال والنساء على وجه محرم، وإذا كنت لا تجد بدا من العمل في أماكن يختلط فيها الرجال والنساء فالواجب عليك أن تلتزم الضوابط الشرعية من اجتناب الخلوة بالأجنبيات والبعد عن الاختلاط المحرّم، والحرص على غض البصر، وانظر الفتوى رقم: 32506.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني