الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الأكل من طعام أهل الزوجة الذين يزرعون المخدر وهل له منعها من زيارتهم إلا مدة يومين في السنة

السؤال

بارك الله فيكم وفي ما تقومون به من مجهودات لخدمة الإسلام ونشر الدعوة الإسلامية: عندي سؤال من فتاة من البادية في المغرب أوصله إليك حول أمر زواجها من شخص تقدم لخطبتها وفرض بعض الشروط عليها وعلى عائلتها، وهذه العائلة القروية تشتغل في زراعة القنب الهندي ـ الحشيش ـ وهذا أمر شبه عادي في منطقتهم الفقيرة، وحالهم يشبه حال القرويين في بلاد الأفغان، إذ تجد شيوخا ملتحين يرتادون المساجد ولكنهم في نفس الوقت يزرعون نبات الخشخاش المخدر، وهذه الأمور لا شك أنها حرام ولكن الشاب الذي تقدم لخطبة هذه الفتاة يبدو عليه الالتزام واشترط عليهم إذا تزوجا أن لا يأكل هو ولا زوجته من طعام عائلتها إذا زاروها وأن يحضر هو وزوجته مؤونتهم معهم من طعام ومال ليصرفوا على أنفسهم، كما اشترط على الفتاة أن لا تزيد فترة زيارتها لعائلتها على يومين في السنة، صراحة يا فضيلة الشيخ رغم أنني متعاطف مع هذا الشاب ومعجب بحرصه على دينه إلا أنه بدا لي أن هذا الشاب لم يسلك طريق اللين والتدرج ولم يراع عدة عوامل منها علمانية الدولة المغربية وتشجيعها الضمني لهذه الأمور مما أغرى القرويين الفقراء على سلوك هذا المسلك ولم يراع أيضا تفشي الجهل والبدع الشركية في تلك البوادي فكان حريا به أن يجاهدهم بالرفق والنصيحة ومخاطبتهم على قدر عقولهم، وسؤالي يا شيخ: هل على هذا الشاب والفتاة إثم إن أكلا بعد زواجهما من طعام عائلتها؟ وهل له الحق في أن يحدد لها مدة زيارتها لعائلتها وجعلها يومين في السنة فقط؟ وأخيرا ما هي نصيحكتم لهذا الشاب وتلك الفتاة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما أكل هذا الشاب وتلك الفتاة من طعام أولئك المذكورين فلا يجوز إن كان جميع كسبهم من هذا العمل المحرم فإن كان مالهم مختلطا ـ أي فيه حلال وحرام ـ جاز لهما الأكل منه مع الكراهة، وتقوى الكراهة بحسب كثرة الحرام في المال، وانظر التفصيل في الفتوى رقم: 6880.

وأما اشتراطه ألا تذهب إلى أهلها إلا مدة يومين في السنة: فهذا حق له، ومن واجب المرأة أن تلزم بيت زوجها وألا تخرج منه إلا بإذنه، والأولى له أن يوسع عليها في هذا الأمر بما لا يضر به، فإن كان يخشى ضررا في دين أو دنيا مما حمله على التضييق في هذا الأمر فلا حرج عليه، ونصيحتنا لهما أن يستقيما على شرع الله تعالى ويعضا بالنواجذ على سنة النبي صلى الله عليه وسلم ولا تحملهما كثرة المنكرات في مجتمعهما على التنازل عن شيء من الحق أو المداهنة فيه، وعليه أن يدعو أهل تلك الفتاة برفق ولين ويبين لهم خطورة أكل ما حرمه الله تعالى ويدعوهم إلى التوبة من هذه المنكرات التي هم مقيمون عليها بما أمكنه من الوسائل، وليتحر الرفق ما أمكنه، فإن الرفق ما كان في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني