الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قراءة الغافلين فاقدي الأدب مع كتاب الله

السؤال

ما حكم الذي يتعلم القرآن على جهاز كمبيوتر وهو يدخن؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن قراءة القرآن طاعة من أعظم الطاعات، وقربة من أفضل القربات، لو أن العبد أحسن استثمارها واغتنم فضلها، ولا يتأتى له ذلك إلا إذا أخذ بالأسباب التي تعينه على مطلوبه.
ومما يعين على ذلك، أن يكون العبد عند تلاوته على أحسن حال، بأن يطهر نفسه ظاهراً بالوضوء، وباطناً بالتخلي عن الذنوب والمعاصي والآثام ويستقبل القبلة، ويجلس أمام كتاب الله بأدب وخشوع، فمن فعل ذلك فاز بعظيم الثواب، وفهم عقله معاني الكتاب.
قال الغزالي رحمه الله في الإحياء: وكما أن ظاهر جلد المصحف وورقه محروس عند ظاهر بشرة اللامس إلا إذا كان متطهراً، فباطن معناه أيضاً بحكم عزه وجلاله محجوب عن باطن القلب، إلا إذا كان متطهراً عن كل رجس ومستنيراً بنور التعظيم والتوقير، وكما لا يصلح لمس جلد المصحف كل يد، فلا يصلح لتلاوة حروفه كل لسان، ولا لنيل معانيه كل قلب. ا.هـ.
وقال أيضاً: وكلما كانت الشهوات أشد تراكماً، كانت معاني الكلام أشد احتجاباً، وكلما خف عن القلب أثقال الدنيا، قرب تجلي المعنى فيه. ا.هـ.
والعلماء -رحمهم الله- يسمون قراءة فاقدي الأدب مع كتاب الله تعالى بقراءة الغافلين، بل ذكروا أن قارئ القرآن العاصي لله عز وجل قد يلعن نفسه وهو يقرأ القرآن دون أن يشعر.
قال الغزالي: وقال بعض العلماء: إن العبد ليتلو القرآن فيلعن نفسه وهو لا يعلم، يقول: (أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) [هود:18] وهو ظالم لنفسه، ويقول: (لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) [آل عمران:61] وهو منهم. ا.هـ.
وهذا الذي ذكرناه ينطبق على من عصى الله تعالى بمعصية لا تتعلق بتلاوة القرآن، فكيف بمن باشر المعصية وهو يقرؤه؟.
ومما لا شك فيه أن شرب الدخان حرام، لما ثبت من عظيم ضرره وكبير خطره، وقد قال تعالى: (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً) [النساء:29].
والذي يباشر التدخين وهو يقرأ كلام الله مرتكب لمحظور لا نقول فيه بأقل من التحريم، لما في ذلك من عدم توقير كلام الله تعالى، والتناقض البين بين فعل الطاعة والمعصية في آن واحد، وقد أثبت القرآن أن قارئه إما أن يفوز من الله بالإحسان، وأما أن يبوء بالذنب والخسران.
فقد روى الدارمي في سننه عن قتادة رحمه الله أنه قال: ما جالس القرآن أحدٌ فقام عنه إلا بزيادة أو نقصان، ثم قرأ قوله تعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَاراً) [الإسراء:82].
نسأل الله لنا ولجميع المسلمين الهدى والسداد والرشاد.
ولمعرفة حكم التدخين راجع الفتوى رقم: 1671، ولمعرفة آداب تلاوة القران راجع الفتاوى التالية أرقامها: 11144، 9186.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني