الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإصابة بالعين.. أسبابها.. وسبل الوقاية منها

السؤال

أود السؤال عن العين: فمشكلتي أنني في بعض الأحيان إذا مدحت نفسي أو أحد أولادي عند أحد ـ حتى وإن كان أقرب المقربين ـ بشيء ما فإنه ينقلب حالي وحالهم بعد ذلك المديح وكأنه قد أصابتهم العين، مع أنني أقول ويقول الذين تكلمت معهم ما شاء الله لا قوة إلا بالله فأخاف أن أكون قد أصبت نفسي أو أحد أولادي بالعين وأنا لا أقصد، فماذا علي أن أفعل بعد هذا كله؟ وقد سمعت من إحدى الشيخات أن على الإنسان أن يبعد ناظريه عن الشيء الذي استحسنه كي لا تصيبه العين، وأفعل ذلك ولكن في بعض الأحيان لا فائدة، أفيدونا أفادكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن العين حق كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، ويعالج من العين بعد وقوعها بالرقى من الكتاب والسنة والتعوذ والدعاء. وقد سبق لنا أن أصدرنا عدة فتاوى في العلاج من العين فانظري على سبيل المثال الفتوى رقم: 39136.

وأما قبل الوقوع فينبغي تجنب ما يكون سببا لوقوعها، وإذا كان التحدث بمدح الأولاد مما تخشين وقوع العين بسببه فيجتنب، والدليل على توقي أسباب العين قوله الله تعالى حكاية عن يعقوب عليه السلام: قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ {يوسف:5}.

وقوله تعالى عن يعقوب عليه السلام: وَقَالَ يَا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ { يوسف:67}.

قال العلماء: إن ذلك كان خوفاً عليهم من العين، وقد وصف الله يعقوب بعد ذكره لهذه المسألة قائلاً: وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ {يوسف:68}.

وفي الحديث الشريف: استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان، فإن كل ذي نعمة محسود. رواه الطبراني وغيره، وصححه الشيخ الألباني.

وقال ابن القيم رحمه الله: فصل: ومن علاج ذلك ـ العين ـ أيضا والاحتراز منه ستر محاسن من يخاف عليه العين بما يردها، كما ذكر البغوي في كتاب شرح السنة: أن عثمان ـ رضي الله عنه ـ رأى صبيا مليحا فقال: دسموا نونته لئلا تصيبه العين، ثم قال في تفسيره: ومعنى دسموا نونته: أي: سودوا نونته، والنونة: النقرة التي تكون في ذقن الصبي الصغير، ومن هذا أخذ الشاعر قوله: ما كان أحوج ذا الكمالي عيب يوقيه من العين. اهـ. من زاد المعاد.

وينبغي لمن رأى من ولده ما يستحسن أن يدعو له بالبركة، ويقول: ما شاء الله، ويعوذه من العين بالمعوذتين، فقد أخرج أحمد والحاكم عن سهل بن حنيف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يمنع أحدكم إذا رأى من أخيه ما يعجبه في نفسه وماله فليُبَرِّك عليه، فإن العين حق.

معنى فليُبَرِّك عليه: يدعو له بالبركة.

وعن عامر بن ربيعة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة، فإن العين حق. رواه النسائي في عمل اليوم والليلة، والحاكم وصححه الألباني في صحيح الجامع.

وقال تعالى: وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّه { الكهف: 39}.

قال ابن كثير: قال بعض السلف: من أعجبه شيء من ماله أو ولده فليقل: ما شاء الله لا قوة إلا بالله.

وروى أبو يعلى في مسنده والبيهقي في الشعب عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما أنعم الله تعالى على عبد نعمة من أهلٍ ومالٍ وولدٍ فيقول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله فيرى آفة دون الموت.

وجاء في حديث رواه أحمد والنسائي وابن ماجه وصححه الألباني في صحيح الجامع... فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: علام يقتل أحدكم أخاه، ألا برّكتَ.

فهذه هي الأذكار التي تقال عندما يرى الإنسان شيئا يعجبه ويخشى أن يصيبه بعين، ومن أسباب الوقاية من العين: الاستعاذة بالله منها، فقد روى ابن ماجه وصححه الألباني عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: استعيذوا بالله من العين، فإن العين حق.
وروى الترمذي وحسنه وابن ماجه عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من عين الجان، ثم أعين الإنس، فلما نزلت المعوذتان أخذهما وترك ما سوى ذلك.

وينبغي لمن يخشى حصول الضرر منه بإصابته الآخرين بالعين أن يغض بصره عن الناس حتى لا يصيبهم بالسوء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني