الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إفرازات المرأة.. أنواعها.. وأحكامها

السؤال

أفيدوني - جزاكم الله خيرًا - في حالتي الآتية:
كنت أعاني من وسواس قهري بخصوص تكرار الوضوء والشك في الطهارة لمدة أربع سنوات تقريبًا, ثم تمَّ شفائي - بفضل الله - على يد طبيب نفسي وعلاج استمر 3 سنوات ونصف, وأعلمني الطبيب أن أصل التاريخ المرضي منذ 12 عامًا, وقبل ذلك لم يكن وسواس الوضوء ظاهرًا خلالها, وإنما كان بسبب قهر في التربية, وقراءة جزء الطهارة للشيخ سيد سابق؛ مما جعلني أدقق في كل شيء في الطهارة, حتى أنني وصلت لغاية أني كنت أعيد الوضوء عدة ساعات لافتقادي الطهارة.
وفي نهاية علاجي: بدأ يظهر عندي وسواس في الطهارة من نوع آخر, وهو ما يخص الإفرازات النسائية, ولكني تحرجت من مناقشتها مع الطبيب النفسي, إلى أن تزوجت فظهرت المشكلة بوضوح أكثر بسبب مداعبات الزوج, وخصوصًا في الفترة الأولى من الزواج؛ حيث إن هذه الإفرازات كانت تخرج مني بكثرة, وباستمرار تقريبًا, وأحس معها بلذة ولأنني كنت أغالي في التطهر - على لسان زوجي - حيث إنني كنت أتطهر بعد كل إفراز؛ مما شق عليّ, فبدأت أباعد بين التطهر والآخر؛ مما أدّى إلى أنني كنت لا أصلي باليوم واليومين, وأحيانًا كثيرة تصل لأكثر من 3 أيام, إلى أن سأل زوجي أحد الشيوخ في مصر فأفتى بأن هذه الإفرازات لا تحتاج لتطهر كامل, وإنما تحتاج لتجديد الوضوء قبل الصلاة حتى لو نزلت بشهوة, ولكنه لم يكن يعلم بأمر وسواسي, ولأنني لم أناقش الشيخ حول هذا الأمر بنفسي لم أقتنع بهذا الرأي – لنقل: إنها وسوسة إذا كانت فعلاً فتواه صحيحة -.
وظللت أعاني من هذه المشكلة على مدار 4 سنوات زواج, تخللها التهرب بلطف من العلاقة الزوجية خشية ترك الصلاة لعدة أيام؛ لأنه في أحيان كثيرة بعد التطهر من الجماع تنزل إفرازات:
أحيانًا تكون لزجة شفافة, وأخرى سميكة لزجة بيضاء, مع العلم أني لا أعاني من أي عدوى نسائية وقتها, وأنا أحتاج الآن لإجابة مبسطة جدًّا - جزاكم الله خيرًا؛ لأني هلكت مما أقرأه في الفتاوى دون تبسيط فيزيدني تعقيدًا - عن الآتي:
1 – عند الاستيقاظ من النوم وسواء تذكرت أني حلمت بشهوة أو لا، أجد إفرازات أيًّا كان شكلها أو وصفها فهل توجب الغسل أم لا؟
2 – أحيانًا بعد استيقاظي مباشرة أحس كما لو أنها ستنزل إفرازات, فلا أجد شيئًا وبعد أي مجهود بسيط أو بعد عدة ساعات (3 - 4 ساعات) تنزل تلك الإفرازات, وأحس أثناء نزولها بشهوة أحيانًا, وأحيانًا أخرى لا, فهل توجب الغسل أم لا؟
3- ماذا يجب في حالة نزول إفرازات بعد غسل الجنابة؟
وماذا لو صاحبتها شهوة – لذة -؟
4 – في حالة الإفرازات التي تنزل بسبب مداعبة الزوج - دومًا تكون مصحوبة بلذة - فهل توجب الغسل أم يُكتفَى بالوضوء كما أفتى الشيخ بمصر؟
5- أحيانًا أجد إفرازات كثيفة دون أي شهوة, وعندما تكون كميتها كبيرة فقط أتقزز منها فأتطهر, فهل هذا صواب؟
6- بالنسبة لما فاتني من الصلوات فقد قرأت على موقعكم الكريم أن من ترك الصلاة تهاونًا – وإن لم يكن منكرًا جاحدًا لها – فهو كافر, وأقوال أخرى يستتاب 3 أيام (ولا أفهم معنى يستتاب) ثم يقتل, فما مصيري؟ فأنا معذبة, وأحس أن الله لن يقبل مني صلاة؛ لأني - والعياذ بالله- فقهيًا كافرة – والعياذ بالله – فقد كرهت الحياة, ولكنه ما زال عندي أمل في مغفرة ربي, فهو الذي خلقني, ويعلم ضعفي, فأنا لم أترك الصلاة إنكارًا لها, ولكني - وللأسف - عن جهلٍ دينيٍ سابق لم أكن أعلم أن التقصير فيها بالأيام يعد تركًا وكفرًا - والعياذ بالله -.
7 – ماذا عما فاتني من صلوات تلك الفترة فهل عليّ قضاؤها أم أصلي الرواتب لتعويض تقصيري أم لا قضاء عليّ؟
أعتذر عن الإطالة عليكم, أفيدوني - جزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء, وأحسن إليكم -.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاعلمي أن الوسوسة من شر الأدواء التي متى تسلطت على العبد أفسدت دينه ودنياه، ولا علاج للوساوس أمثل من الإعراض عنها وعدم الالتفات إليها، وانظري الفتوى رقم 51601, ثم اعلمي أن الإفرازات الخارجة من فرج المرأة تنقسم إلى أقسام: فمنها رطوبات الفرج, وهي إفرازات عادية معروفة، وهذه الإفرازات طاهرة لكنها ناقضة للوضوء، والظاهر أن عامة ما ترينه من الإفرازات هو من رطوبات الفرج.

وأما ما يخرج عند الملاعبة ونحوها بلذة: فهو المذي، وهو نجس موجب للوضوء.

وأما المني: فإنه يخرج عند اشتداد الشهوة بشهوة, ويعقب خروجه فتور في البدن، وراجعي الفتوى رقم 110928 لبيان أنواع الإفرازات الخارجة من فرج المرأة وحكم كل منها، ولبيان الفرق بين مني المرأة ومذيها انظري الفتوى رقم 128091 ورقم 131658 وإذا شككت في الخارج هل هو مني أو مذي فإنك تتخيرين فتجعلين له حكم ما شئت منهما كما هو مذهب الشافعية، وانظري الفتوى رقم 64005 وبهذه القواعد التي ذكرناها لك تزول عنك الإشكالات، فإذا تيقنت أنه قد خرج منك مني وجب عليك الغسل، وإذا تيقنت أنه قد خرج منك مذي وجب عليك الوضوء وتطهير ما أصاب بدنك وثوبك منه، وإذا تيقنت أنه من رطوبات الفرج فإنك تتوضئين فقط، وإن شككت في الخارج فإنك تتخيرين كما ذكرنا، وإن كنت مصابة بالسلس بحيث لا يتوقف خروج هذه الإفرازات فإنك تتوضئين بعد دخول الوقت وتصلين بهذا الوضوء الفرض وما شئت من النوافل حتى يخرج ذلك الوقت.

وأما الصلاة التي تركتها فقد أخطأت بذلك, وأثمت بترك الصلاة، ولكن باب التوبة مفتوح لا يغلق في وجه أحد حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا تبت إلى الله توبة نصوحًا قبِل الله توبتك, وأقال عثرتك، فأحسني ظنك بربك تعالى, وأقبلي عليه, واجتهدي في مراضيه, واسعي في التخلص من هذه الوساوس - نسأل الله لك الشفاء والعافية -.

وأما قضاء تلك الصلوات التي تركتها فهو محل خلاف بين العلماء، والأحوط أن تقضيها إبراء للذمة بيقين, وخروجا من الخلاف، فإن القول بوجوب القضاء هو قول الجمهور.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني