الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب العلماء في وضع المصحف على الأرض وقت سجود التلاوة

السؤال

ما الطريقة الصحيحة لسجود التلاوة؟ وبالأخص (وضع المصحف) هل يكون المصحف في يدي أو على الأرض؟ وما الطريقة السليمة؟
جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كيفية سجود التلاوة هي: أن القارئ إذا مر بآية سجدة فإنه يكبر ثم يخر ساجدًا كسجود الصلاة ويدعو بما شاء، والأفضل أن يقول في دعائه: "سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره بحوله وقوته، فتبارك الله أحسن الخالقين"، وإذا رفع من السجود كبر, وانظر الفتوى: 2769 للمزيد من الفائدة.

وإذا كان المصحف في يده فلا ينبغي أن يضعه على الأرض مباشرة، وإنما يضعه على شيء - إن وجد -، وإلا أبقاه في يده خروجًا من خلاف من منع وضعه على الأرض، فقد اختلف أهل العلم في وضع المصحف على الأرض مباشرة؛ فذهب بعضهم إلى أنه لا يجوز، وقالوا: إن من حرمة القرآن ألا يوضع على الأرض، فروى القرطبي بسنده في مقدمة تفسيره عن عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكِتَابٍ في أرض، فقال لشاب من أهل هُذَيْلٍ: مَا هَذَا؟, قَالَ: مِنْ كِتَابِ اللَّهِ كَتَبَهُ يَهُودِيٌّ، فَقَالَ: "لَعَنَ اللَّهُ مَنْ فَعَلَ هَذَا, لَا تَضَعُوا كِتَابَ اللَّهِ إِلَّا مَوْضِعَهُ". ورواه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول.

وجاء في فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك لعليش قال الْفُقَهَاءِ: وَضْعُ الْمُصْحَفِ عَلَى الْأَرْضِ الطَّاهِرَةِ اسْتِخْفَافًا بِهِ رِدَّةٌ، فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ وَضْعَهُ عَلَيْهَا بِلَا اسْتِخْفَافٍ مَمْنُوعٌ.

وجاء في حاشية البجيرمي على الخطيب في الفقه الشافعي "وَيَحْرُمُ وَضْعُ الْمُصْحَفِ عَلَى الْأَرْضِ, بَلْ لَا بُدَّ مِنْ رَفْعِهِ عُرْفًا وَلَوْ قَلِيلًا" .

وذهب بعضهم إلى جواز وضعه على الأرض الطاهرة، كما جاء في فتاوى محمد بن إبراهيم آل الشيخ قال: وأما وضع المصحف على الأرض فيظهر فيه عدم التحريم، بل ولا الكراهة فيه، ولعل رفعه أولى؛ لأنه في كمال إكرامه واحترامه.

وجاء في فتاوى الشيخ ابن باز: لا حرج في وضعه في الأرض إذا كانت طاهرة وقت سجود التلاوة، وإذا تيسر مكان مرتفع شرع وضعه فيه، أو تسليمه إلى أخيك الذي بجوارك إن وجد حتى تفرغ من السجود.

وقال الشيخ ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين: وأما وضع المصحف على الأرض الطاهرة الطيبة، فإن هذا لا بأس به ولا حرج فيه؛ لأن هذا ليس فيه امتهان للقرآن، ولا إهانة له، وهو يقع كثيرًا من الناس إذا كان يصلي ويقرأ من المصحف وأراد السجود يضعه بين يديه، فهذا لا يعد امتهانًا, ولا إهانة للمصحف فلا بأس به، والله أعلم.

وانظر الفتوى: 66628.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني