الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ليس للزوج منع زوجته من صلة أخيها بسبب خلافه معه

السؤال

اشترط أخي على زوجي كتابة شيك ‏قبل الزواج، مما أدى إلى وجود ‏خلاف بين زوجي وأخي وصل إلى ‏حد المقاطعة، وبعد مرور سنة رد ‏أخي هذا الشيك لزوجي عن طريق ‏أمي، مما اعتبره زوجي إهانة له؛ ‏لأن زوجي يريد أن يعتذر له أخي ‏على ما فعل معه، وفي خلال هذه ‏الفترة كلما تحدثت إلى أخي، أو ‏تواجدت في مكان معه، يثور ويغضب ‏زوجي ويقول لي إني بذلك قد ‏اشتركت في إهانته، ويطلب مني عدم ‏تواجدي أنا وابني في المكان الذي ‏يوجد فيه أخي، وأنا أعيش في هم ‏وحزن بسبب هذا الخلاف لمدة 3 ‏سنوات. ‏
سؤالي: هل يجوز لزوجي منعي أنا ‏وابنتي من التعامل مع أخي؟ وما حكم ‏الدين في كتابه هذا الشيك؟ ‏
وأسألكم الدعاء بالإصلاح بينهم ‏وتفريج الكرب، وجزاكم الله خيرا.‏

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان المقصود بكتابة الشيك المذكور توثيق حق لك على زوجك، فلا حرج فيه كما بيناه في الفتوى رقم: 121637
أما إذا كان الشيك بغير حق على الزوج، أو كان غير محدد القيمة وهو ما يعرف بالشيك على بياض، فلا حق لأخيك فيه؛ وانظري الفتوى رقم: 157397.
وعلى أية حال، فليس لزوجك أن يمنعك وولدك من صلة أخيك، بل ليس له أن يمنع أخاك من زيارتك بسبب خلافه معه.

ففي الشرح الصغير للدردير (رحمه الله): وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُ أَبَوَيْهَا وَوَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ أَنْ يَدْخُلُوا لَهَا، وَكَذَا الْأَجْدَادُ، وَوَلَدُ الْوَلَدِ، وَالْإِخْوَةُ مِنْ النَّسَبِ. حاشية الصاوي على الشرح الصغير.

وفي منح الجليل شرح مختصر خليل: وَرَوَى ابْنُ أَشْرَسَ، وَابْنُ نَافِعٍ: إنْ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِ امْرَأَتِهِ كَلَامٌ، فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْهَا.
فالذي ننصحك به أن تتفاهمي مع زوجك برفق وحكمة، وتبيني له أن الخلاف بينه وبين أخيك لا يسوغ له منعه من زيارتك، أو منعك من زيارته، وأن هذا المنع قطع للرحم، وقطع الرحم من كبائر الذنوب، كما أنه لا يجوز له أن يهجر أخاك فوق ثلاث لغير مسوغ شرعي، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث. صحيح مسلم.

قال ابن عبد البر (رحمه الله): وأجمع العلماء على أنه لا يجوز للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، إلا أن يكون يخاف من مكالمته وصلته ما يفسد عليه دينه، أو يولد به على نفسه مضرة في دينه أو دنياه.

ونسأل الله أن يصلح ذات بينكم، ويؤلف بين قلوبكم ويفرج كروبكم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني