الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أقوال الفقهاء في وراثة المسلم من الكافر

السؤال

أنا فتاة جزائريّة، وعندي سؤال مستعجل يخصّ موانع الميراث، وبالأخصّ ميراث الكافر.
أمي فرنسيّة قد دخلت الإسلام منذ سنوات، وقد ورثت مؤخّراً مبلغاً مالياً من أمّها المتوفاة التي بقيت على دين النصرانيّة، عند ذلك، سألنا إذا كان لها الحقّ في ذلك الميراث، فالإجابة كانت أنّ هذا من موانع الميراث فيما يخصّ المسلم، والمبلغ الذّي ورثـتـه أوّل وثاني وهـلة قد وزّع على المحتاجين المسلمين.
والآن، قـد بعـث لها مبلغًا آخـر، لهذا سأعرض عليكم حالتـنا وأرجو منكم أن تبيّنوا لنا الطريق الصواب:
أمي فرنسية بدون عمل، وأبي جزائري متـقاعد، ونحن 4 أبناء، أخي الأكـبر في فرنسا وهو يعمل، والآخـر لا زال معنا، يعمل، ولكنه سيغادر البلاد حسب قوله، وأنا بدأت أعمل في مجال ليس مستقراً بعد 7 سنوات من البطالة، وأختي الكبيرة مطلقة، لا تعمل ولها ابن وبنت، وزوجها لا يدفع لهما النفقة الشرعية حتى ملابـس العيد ومصارف الدكـتور لا يتكفل بهما، ويفعل ذلك عمداً، فأبي هو الّذي يصرف عليها وعلى أبنائها.
والسؤال: هل لأختي حقّ أن تـتصرّف في مبـلغ حتّى تـنجز مشروعاً لها ولأبنائها؟ وهل لبقيّة أفراد العائلة حقّ بالاستفادة من مبلغ محدّد؟ وهل نأخذ ثمناً، ربع، ثلث، نصف المبلغ أم ماذا؟ ننتظر فتواكم في هذا الموضوع، لأننا في حيرة من أمرنا، ولا نريد القيام بشيء يغضب الله تعالى.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن منع توريث المسلم من الكافر، هو مذهب الجمهور منهم الأئمة الأربعة وأتباعهم، وهو ظاهر الحديث المتفق عليه وهو قوله صلى الله عليه وسلم: لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم.

وقد ذهبت طائفة أخرى من أهل العلم إلى أن المسلم يرث من مورثه الكافر غير الحربي، وهذا هو قول معاذ بن جبل، ومعاوية بن أبي سفيان، ومحمد بن الحنفية، ومحمد بن علي بن الحسين، وسعيد بن المسيب، ومسروق بن الأجدع وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية فقال هؤلاء: نرث من الكفار ولا يرثوننا، كما ننكح نساءهم ولا ينكحون نساءنا، وحمل هؤلاء قوله صلى الله عليه وسلم: ولا الكافر المسلم على الحربي دون الذمي والمنافق والمرتد.

واستدلوا بأنه صلى الله عليه وسلم كان يجري المنافقين في الأحكام الظاهرة مجرى المسلمين، فيرثون ويورثون، وقد مات عبد الله بن أبي وغيره ممن شهد القرآن بنفاقهم، ونُهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عليهم والاستغفار لهم وورثه ورثته المسلمون.

وقد حمل طائفة من العلماء قوله صلى الله عليه وسلم: لا يقتل مسلم بكافر. على الحربي دون الذمي.

ولا ريب أن من حمل قوله صلى الله عليه وسلم: لا يرث المسلم الكافر. على الحربي. أولى وأقرب محملاً، إذ في توريث المسلمين منهم ترغيب في الإسلام لمن أراد الدخول فيه من أهل الذمة، وهذه مصلحة ظاهرة يشهد لها الشرع بالاعتبار في كثير من تصرفاته... إلى آخر كلام طويل ساقه ابن القيم في أحكام أهل الذمة في شأن توريث المسلم من الكافر.

والحاصل: أن الخلاف في المسألة، خلاف قديم وقوي، والذي نراه في مثل حالتكم هو أن ما وصل إليكم من أموال هذه الجدة لكم التصرف فيه بما ترونه مناسباً.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني