الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من تصرف في مال الفاقد لعقله

السؤال

لدي مشكلة كبيرة: وهي أن جدتي لديها راتب وهي فاقدة للعقل، ومن قبل كانت تستلم الراتب فنأخذه نحن بسبب حالتنا المادية الضعيفة وكثرة مصاريفنا، وقبل فترة عندما كنت أتصفح موقعكم قرأت فتوى مشابهة لحالتي قلتم فيها: إن مثل هذا المال يحبس إلى حين تحسنها أو موتها فيقسم على الورثة ـ ولكن حالتنا ضعيفة مع كثرة المصاريف، وورثة جدتي هم: عمتي وأبي وعمي ـ إذا لم نحسب أبناء ضرتها وعمي وعمتي لا يريدون شيئا منه الآن، وعمي يأكل عندنا هو وعائلته، لأننا شبه عائلة واحدة، فماذا أفعل؟ وهل أخبر أهلي بهذا؟ ولا أعتقد أنهم سيوافقون، كما أنني مقبل على الزواج وبالتأكيد سوف يكون مالها من ضمن مصاريف الزواج، فما العمل؟ أنا خائف من عذاب الله وخائف من عدم قبول الدعاء، لأني آكل الحرام، أرشدوني جزاكم الله خيرا، مع العلم أن جدتي من قبل كانت أفضل حالا منها الآن من ناحية فقدان العقل، وكانت تعطي مصاريف لأبي من راتبها، بل كان يصرف راتبها كله في ذلك الوقت، والآن ازدادت حالتها سوءا حتى فقدت عقلها تماما وعمرها قارب الثمانين سنة، وقد صرفنا كثيرا من مالها ويستحيل أن نرده الآن إذا أردنا أن نرده، ومن الصعب أو من المستحيل علاج حالتها.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما بيناه في تلك الفتاوى هو الحكم في مثل حالتك وخلاصته: أنه إذا كانت هذه الجدة فعلًا فاقدة عقلها: فإن مالها محجور في يد وكيلها، لا يقبل منها فيه تصرف، وملكها له باق طالما بقيت حياتها, لا تجوز قسمته على الورثة, ولا التصرف فيه، بل يحبس حتى تشفى من مرضها فيعود إليها، أو تموت فينتقل لورثتها تركة مقسومة بكتاب الله تعالى، ولمن له الوكالة عليها أن يصرف عليها من هذا المال قدر ما تحتاجه في مؤنة نفقتها أو علاجها، أو غير ذلك من لوازمها وحاجياتها، وله أن يتصرف فيه بالبيع أو بالشراء على مقتضى ما تمليه المصلحة، وهل لهذا الشخص الذي يلي تصريف هذا المال أن يأخذ أجرة مثل عمله؟ خلاف للعلماء في ذلك بيناه في الفتوى رقم: 127677، فراجعها.

أما ما ذكرته من حاجتكم لهذا المال وكثرة مصاريفكم: فليس مبيحا لصرف هذا المال ولا التصرف فيه بغير ما ذكر، وعليك أن تبّين لأهلك وأعمامك حقيقة الأمر وأنه يجب عليهم الكف عن هذا المال.

أما ما سبق أن صُرف من هذا المال بعد ما صارت هذه الجدة محجورة: فالأصل أنه دين في ذمة من استهلكه يجب عليه السعي في قضائه متى أيسر به، لكن إذا ماتت هذه الجدة انتقل الحق إلى الورثة وصار المال مالا لهم، فإذا شاؤوا أن يتسامحوا في هذا الدين فحسن.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني