الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من أسباب دوام العشرة بين الزوجين

السؤال

طلقت زوجتي السابقة الأمريكية المسلمة بعد نشوزها وتراجعها عن الشروط التي اتفقنا عليها قبل الزواج وهاجرت إلى السعودية ـ والحمد لله ـ وعدتني بأشياء كثيرة طلبتها منها قبل الزواج، فلم تلتزم بها مثل طاعة الزوج وغيرها، والآن في زواجي الثاني أريد أن أكون حذرا جداً ـ إن شاء الله ـ وأتعلم، فأرجوا تزويدنا بأسباب المشاكل التي كانت تحصل بين زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، وبين الصحابة وزوجاتهم، أعلم أنه كانت تحدث بين علي بن أبي طالب وفاطمة ـ رضي الله عنهما ـ مشاكل، ولكن لا أعرف أسباب هذه المشاكل، بحثت كثيرا ولم أجد تفاصيلها، أريد أن أعرف لكي أتوقع طبيعة المشاكل التي من الممكن أن تحدث بين أشخاص ملتزمين، فعلى سبيل المثال عندما شكت عائشة ـ رضي الله عنها ـ لأبي بكر ليحكم بينها وبين النبي صلى الله عليه وسلم، فما السبب؟ من المؤكد أن عائشة ـ رضي الله عنها ـ هي المخطئة، ولكنها طبيعة النساء! وما السبب الذي جعل عليا ينام في المسجد في قصة (أبا تراب) أو أي أمثلة أخرى؟ لأنه من المهم أن نعلم ما نتوقعه من المرأة الصالحة لكي لا نصدم أو نكره المرأة لخطإ طبيعي؟ وما هي الأشياء التي يجب أن يتجاوز عنها الزوج والأسباب التي يجب أن يوبخ عليها، لكي لا نظلم ولا ندلع أكثر فتفسد العيشة؟ وجزاكم الله خيراً وادعوا لنا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالعلاقة بين الزوجين لا تستقيم على حال واحدة من الصفاء والوئام، فلا مفر من أن يشوبها بعض الكدر، وهذا أمر تقتضيه الطبيعة البشرية، لكن يستطيع العاقل أن يتجاوز هذه الأمور إذا سلك المسلك الصحيح الذي جاء به الشرع، فمن ذلك أن يحسن الاختيار فيتزوج صاحبة دين وخلق، وأن يعاشرها بالمعروف ـ كما أمره الله تعالى ـ ومن ذلك أن يراعي طبيعة المرأة التي وصفها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله:... وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاَهُ، إِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا. متفق عليه.

وقال البخاري ـ رحمه الله ـ في صحيحه: بَابُ المُدَارَاةِ مَعَ النِّسَاءِ، وَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّمَا المَرْأَةُ كَالضِّلَعِ.

قال المهلب: المداراة أصل الألفة واستمالة النفوس من أجل ما جبل الله عليه خلقه وطبعهم من اختلاف الأخلاق.

وقال المناوي: أي لاطفها ولاينها، فبذلك تبلغ مرامك مِنْهَا من الِاسْتِمْتَاع وَحسن الْعشْرَة.

ومن ذلك أن يصبر عليها, ويتجاوز عن بعض الأخطاء, ويتغاضى عن الزلات والهفوات, ويوازن بين الجوانب المختلفة في صفاتها وأخلاقها، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِي مِنْهَا آخَرَ. صحيح مسلم.

قال النووي رحمه الله: أَيْ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُبْغِضَهَا، لِأَنَّهُ إِنْ وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا يُكْرَهُ وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا مَرْضِيًّا, بِأَنْ تَكُونَ شَرِسَةَ الْخُلُقِ لَكِنَّهَا دَيِّنَةٌ، أَوْ جَمِيلَةٌ، أَوْ عَفِيفَةٌ، أَوْ رَفِيقَةٌ بِهِ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. اهـ.
أما الأمور التي لا يجوز للزوج التجاوز عنها: فهي الأمور التي فيها انتهاك لحرمات الله عز وجل، وأما حظوظ النفس: فالأولى فيها التجاوز والعفو، وينبغي على الزوج أن يحرص على تعليم زوجته أحكام الشرع وتربيتها على حب الله ورسوله والإيمان باليوم الآخر، وأن يكون أسوة لها في ذلك، وراجع الفتوى رقم: 67343.

وللفائدة ننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني