الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية نصح الوالد التارك للصلاة المؤذي للناس

السؤال

عندي مشكلة مع أبي الذي يبلغ من العمر أكثر من سبعين عاما: كان تقيا وكان يصلي، ولكنه عصبي مع كل الناس، أصيب بمرض في ظهره جعله يترك الصلاة، وبعد ذلك خف وصار بصحة جيدة وظل تاركا للصلاة، وبدأ يقترف أشياء من الحرام كالشجار مع أي أحد مثل الزبال، الكهربائي أو أي شخص حتى ولو كانت امرأة، ومن الممكن أن يضربها أو أي أحد يقف عند البيت، وأنا وإخواني نخاف من أن يضربه أحد، وعندما ننصحة يكرر ما يعمل مما يجعلنا نرفع عليه أصواتنا، ودائما يتشاجر مع أمي وهي تقاربه في السن، ويكره أهلها وإذا زاروها يحاول مضايقتهم ويشتمهم بألفظ محرمة في غيابهم، وعندما يرى بنتا جميلة في أي عمر يغازلها ونحن نحاول أن نوضح أنه لا يقصد شيئا، ونحن رغم كل هذه الأمور نبره ونتقي الله فيه، ولكن ما بال الناس الذين يؤذيهم وموقفنا نحن معهم؟ وأنا الذي عيش مع أبي وأمي، وحالتي النفسية لا يعلمها إلا الله من الذي أراه منه في تعامله مع الناس، أتمنى أن أجد عندكم حلا، وجزاكم الله خيرا، وأسألكم الدعاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فحق الوالد على ولده عظيم وبره ومصاحبته بالمعروف واجبة مهما كان حاله، وانظر الفتوى رقم: 115982.
فلا يجوز لكم الإساءة إلى أبيكم ورفع الصوت عليه، بل عليكم أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر برفق وأدب من غير إغلاظ أو تعنيف، فإن الوالدين ليسا كغيرهما في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال ابن مفلح: قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى: يَأْمُرُ أَبَوَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمَا عَنْ الْمُنْكَرِ، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: إذَا رَأَى أَبَاهُ عَلَى أَمْرٍ يَكْرَهُهُ يُعَلِّمُهُ بِغَيْرِ عُنْفٍ وَلَا إسَاءَةٍ وَلَا يُغْلِظُ لَهُ فِي الْكَلَامِ، وَإِلَّا تَرَكَهُ، وَلَيْسَ الْأَبُ كَالْأَجْنَبِيِّ. اهـ

ومن أعظم ما يجب عليكم أمره به المحافظة على الصلاة، فإنها أعظم أمور الإسلام بعد الإيمان، ولا حظّ في الإسلام لمن تركها، فهي مفتاح للخيرات ومنهاة عن المنكرات، فاجتهدوا في نصحه برفق وحكمة وإعانته على المحافظة على الصلاة، ولا بأس بتوسيط بعض أهل الخير من الدعاة الصالحين ليكلمه وينصحه، واستعينوا بالله وأكثروا من الدعاء له بالهداية، فإن الله قريب مجيب، وحذروه من أذية الناس والاعتداء عليهم بغير حق، واجتهدوا في الحيلولة بينه وبين أسباب ذلك بقدر استطاعتكم من غير أن تؤذوه أو تغلظوا عليه، وإذا حصلت منه أذية لأحد فاعتذروا منه، واعلموا أنه مسئول عن أفعاله ولستم مسئولين عنها، فالأصل أن أحدا لا يؤخذ بجريرة غيره، قال تعالى: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الانعام: 164}.

وعن سليمان بن عمرو بن الأحوص عن أبيه، قال سمعت رسول الله يقول في حجة الوداع: ألا لا يجني جان إلا على نفسه، لا يجني والد على ولده ولا مولود على والده. رواه ابن ماجه.

ولمزيد من الفائدة ننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني