الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأولى بإمامة الناس في الصلاة

السؤال

أقطن في بلد أوربي وأؤم الناس في قاعة للصلاة من حين لآخر، لعدم وجود إمام راتب، والناس لا يريدون أن يؤمهم غيري إن كنت موجودا، وأنا أحفظ ـ والحمد لله ـ نصف القرآن وبصدد حفظ النصف الآخر إن شاء الله، غير أنني أراجع النصف الأول لنسياني المستمر لما حفظت ابتداء، وأفيدكم علما أنه لا يوجد من يحفظ القرآن كاملا بيننا وأنني أقرأ بقواعد التجويد، وأنا أستحيي حقيقة أن أؤم الناس لخوفي الشديد من الرياء ولعظم مكانة إمامة المسلمين، وهناك من يحفظ أقل مني ولا يقرأ بقواعد التجويد ويحدث فتنة في المسجد، لأن الناس لا يريدونه إماما، فبماذا تنصحونني شيخنا الفاضل بارك الله فيكم؟ وإن وجد من هو أحفظ مني، ولكنه أقل ضبطا للقواعد مثلا، فما العمل في هذه الحالة استنادا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ؟ وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد صح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ... رواه مسلم غيره.

وقد تعددت أقوال العلماء في معنى الحديث: فقال بعضهم أكثرهم حفظا، وقال آخرون أحسنهم قراءة.. جاء في عون المعبود: الظَّاهِر أَنَّ الْمُرَاد أَكْثَرهمْ لَهُ حِفْظًا، وَيَدُلّ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِير وَرِجَاله رِجَال الصَّحِيح عَنْ عَمْرو بْن سَلَمَة قَالَ: اِنْطَلَقْت مَعَ أَبِي إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِسْلَامِ قَوْمه، فَكَانَ فِيمَا أَوْصَانَا: لِيَؤُمّكُمْ أَكْثَركُمْ قُرْآنًا، فَكُنْت أَكْثَرهمْ قُرْآنًا، فَقَدَّمُونِي ـ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ، وَقِيلَ: أَحْسَنهمْ قِرَاءَة وَإِنْ كَانَ أَقَلّهمْ حِفْظًا، وَقِيلَ: أَعْلَمهُمْ بِأَحْكَامِهِ...

وعلى ذلك، فإذا كنت أكثر القوم حفظا لكتاب الله وأقرؤهم له.. فلا ينبغي لك أن تتأخر عن إمامتهم لأمره صلى الله عليه وسلم بأن يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، ولما قد يترتب على تخلفك عن الإمامة من المفاسد، من تقدم من ليس كفؤا للإمامة أو ما قد يحدثه ذلك من فتنة وتشويش على المصلين.. وإن كان فيهم من هو أكثر منك حفظا فهو أولى بالإمامة وإن كان أقل ضبطا لأحكام التجويد، لقوله صلى الله عليه وسلم: لِيَؤُمّكُمْ أَكْثَركُمْ قُرْآنًا.. بشرط رضى الجماعة به، ولمعرفة حكم من أم قوما وهم له كارهون انظر الفتوى رقم: 6359.

والذي ننصحك به ـ بعد تقوى الله تعالى ـ أن تستمر في الصلاة بالناس ولا تترك الإمامة ولا غيرها من أنواع الطاعات.. فقد قال الفضيل بن عياض: ترك العمل من أجل الناس رياء، والعمل من أجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منها ـ كما في شعب الأيمان.
وعليك أن تستعين بالله تعالى وتكثر من الدعاء: اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئاً نعلمه ـ وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى التالية أرقامها: 189701، 95506، 30366، 123067.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني