الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم محادثة فتاة للتعرف عليها بقصد الزواج

السؤال

أشكركم كثير الشكر على هذا الموقع الرائع الذي أفادني كثيرا: أنا شاب مغترب، أخبرني فرد من عائلتي عن فتاة ذات خلق ودين، فأرسلت أمّي كي تراها وتتحدث معها ومع أهلها بسبب بُعد المسافة، وتواصلت معها عبر الهاتف مدّة أُسبوعين لأتعرّف على عقليّتها وطموحها في المستقبل، ثمّ أرسلت لي صورتها، لأنّني لم أكن أعرفها من قبل ـ والحمد للّه لم تكن محادثتنا إلّا فيما يٌرضي الله ـ وكانت عن كلّ ما يتعلّق بمستقبل كلّ واحد منّا، وسوف أراها ـ إن شاء الله ـ بعد شهرين عند زيارتي لبلدي، فلهذا طلبت منها أن نتوقّف عن الكلام حتّى أراها، لأنّنا خلال أُسبوعين تمكنّا من معرفة كل منا للطرف الآخر، وحتى لا يقع كلّ منّا في مشاعر تجاه الآخر، فماذا أستطيع أن أفعل من حيث مراحل الزّواج إذا أعجبت بها وأعجبت بي بعد الرٌّؤية الشرعيّة؟ لا أُريد العيش مع أُمي وأبي في نفس البيت لِتفادي المشاكل العائليّة، فإمّا أن أعيش في بيت والدي في طابق معزول له حمّام ومطبخ مستقلان، أو أسكن وحدي في منزلي حيث يبعُد مسافة طويلة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنقول أولا: إذا كانت هذه الفتاة ذات دين وخلق، فاحرص على الزواج منها، فمن أفضل ما يستفيده المسلم في هذه الحياة المرأة الصالحة، فهي أرجى لأن تكون مطيعة وأن ترعى حق زوجها في نفسها وماله وولده، وراجع الفتوى رقم: 10561.

ومع التحري في أمر الفتاة والاستشارة ينبغي الحرص على الاستخارة، فإن الله تعالى مطلع على القلوب وأعلم بعواقب الأمور، ويمكنك الاطلاع على الفتوى رقم: 19333، وهي عن الاستخارة في النكاح.

ثانيا: تنبغي المبادرة إلى إتمام الزواج ما أمكن، فإن الزواج من الخير الذي تنبغي المسارعة إليه، قال تعالى: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ {البقرة:148}.

ولأهميته قال بعض الفقهاء، كما في زاد المستقنع في الفقه الحنبلي: وفعله مع الشهوة أفضل من نوافل العبادة.

قال البهوتي في حاشيته الروض المربع: لاشتماله على مصالح كثيرة، كتحصين فرجه وفرج زوجته، والقيام بها، وتحصيل النسل، وتكثير الأمة، وتحقيق مباهاة النبي صلى الله عليه وسلم، وغير ذلك. اهـ.

وينبغي أيضا تذليل كل الصعاب في طريقه وتيسير مؤنته.

ثالثا: وجود الزوج في مسكن مستقل من دواعي استقرار الأسرة والابتعاد عن دواعي الحرج، ولكن مما ينصح به هنا هو عدم المغالاة بحيث يصبح البنيان والمبالغة فيه أو في تجهيز أثاث البيت مانعا من إكمال الزواج، فالاقتصاد وعدم الإسراف مطلوب.

رابعا: يمكنك البحث في أمر العقد عليها مع تأخير الدخول بحيث ينتفي عنك الحرج في محادثتك لها، ولكن لا يخفى أن عقد النكاح مع تأخير الدخول وطول مدته قد يكون مفضولا، فلا بد من الموازنة في هذه الحالة، ويمكن أيضا البحث في أمر العقد عليها وتعجيل الدخول، وننبه إلى أمرين:

الأمر الأول: أن المخطوبة أجنبية عن خاطبها، فلا تجوز له محادثتها إلا لحاجة، كما بينا في الفتوى رقم: 20410. وما ذكر من المحادثة لأسبوعين للتعرّف على عقليّتها وطموحها في المستقبل يخرج عن الحاجة.

الأمر الثاني: أن الإقامة في بلاد الكفر فيها مخاطر كبيرة على المسلم، ولذلك لا تجوز إلا لضرورة، أو حاجة معتبرة شرعا، وسبق بيان ذلك بالفتوى رقم: 2007.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني