الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

منزلة النصيحة في الدين وأحكامها

السؤال

هل علي إثم إن لم أبلغ شيئا أعلمه من الدين، لعدم إيجادي الطريقة المناسبة لتبليغه، أو لاستشعاري أنه سيستهزأ بي، أو أنني سأدخل في نقاش حاد، أو خصومة مع من سأبلغه؟ وهل إذا شككت أنني سآثم على ذلك أخرج من الملة بشكي في ذلك حتى بعد إجابتكم لي؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن تعليم المسلم إخوانه ونصحهم مطلب شرعي لا يسعه تركه متى قدر عليه ورجا انتفاعهم به، جاء في شرح النووي على مسلم: والنصيحة لازمة على قدر الطاقة إذا علم الناصح أنه يقبل نصحه ويطاع أمره وأمن على نفسه المكروه، فإن خشي على نفسه أذى فهو في سعة. انتهى.

وقال فيه أيضا: وأما نصيحة المسلمين ـ وهم من عدا ولاة الأمر ـ فإرشادهم لمصالحهم في آخرتهم ودنياهم وكف الأذى عنهم، فيعلمهم ما يجهلونه من دينهم ويعينهم عليه بالقول والفعل، وستر عوراتهم، وسد خلاتهم، ودفع المضار عنهم وجلب المنافع لهم، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر برفق وإخلاص، والشفقة عليهم، وتوقير كبيرهم، ورحمة صغيرهم، وتخولهم بالموعظة الحسنة، وترك غشهم وحسدهم، وأن يحب لهم ما يحب لنفسه من الخير، ويكره لهم من يكره لنفسه من المكروه، والذب عن أموالهم وأعراضهم وغير ذلك من أحوالهم بالقول والفعل، وحثهم على التخلق بجميع ما ذكرناه من أنواع النصيحة وتنشيط همهم إلى الطاعات. اهـ.

وجاء في الموسوعة الفقهية: ذهب الفقهاء إلى أن النصيحة تجب للمسلمين.. وقال المالكية: النصيحة فرض عين سواء طلبت أو لم تطلب، إذا ظن الإفادة، لأنه من باب الأمر بالمعروف، ونقل النووي عن ابن بطال: النصيحة فرض كفاية يجزئ فيه من قام به ويسقط عن الباقين.. وهي لازمة على قدر الحاجة أو الطاقة إذا علم الناصح أنه يقبل نصحه ويطاع أمره وأمن على نفسه المكروه، فإن خشي على نفسه أذى فهو في سعة. اهـ.

ولا ينبغي ترك القيام بهذا الواجب بدعوى عدم معرفة الطريقة، أو خوفهم من الاستهزاء بك، ونخشى أن يكون ذلك مجرد ضعف وخور، وتهويل من الشيطان ليصد الإنسان عن القيام بما أمر الله تعالى به، أما إذا كان هناك خوف من أذى معتبر، فنرجو للخائف أن يكون معذورا، فقد روى أحمد وابن ماجه، وصححه البوصيري والألباني، عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله ليسأل العبد يوم القيامة حتى يقول: ما منعك إذ رأيت المنكر أن تنكره؟ فإذا لقن الله عبدا حجته، قال: رب رجوتك، وفرقت من الناس.

وأما من تأكد من قبولهم النصح، فاختلف هل يلزم نهيهم؟ أم إنه يستحب ولا يجب؟ كما قدمنا في الفتويين رقم: 180123، ورقم: 180067.

ولا يقع الكفر على كل بترك التعليم ولو كنت شاكا في الإثم، فإن من شك في تحريم أمر ما لا يكفر بالوقوع فيه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني