الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما يلزم من يشعر بخروج قطرة كلما استنجى

السؤال

لدي مشكلة أتعبتني, وهي أنه بعد الاستنجاء - وحتى في الأوقات الأخرى - أشعر كأن قطرة بول تنزل مني, على الرغم من أنني أنضح فرجي وسروالي بالماء، وعندما أفتش ثيابي لا أجد رائحة البول, فكيف يمكن معرفة ما إن كانت تلك وساوس أم حقيقة؟ وهل يمكن أن تكون القطرات صغيرة بحيث لا ترى أو لا توجد لها رائحة, أو أنه بسبب رائحة العرق لا يمكن تمييزها؟ وإن كانت نجاسة فعلًا, فهل تعد من النجاسة المعفو عنها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد قال ابن قدامة في الكافي: ومن تيقن الطهارة وشك هل أحدث أم لا فهو على طهارته؛ لما روي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: «إذا وجد أحدكم في بطنه شيئًا فأشكل عليه: هل خرج شيء أو لم يخرج؟ فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا» رواه مسلم والبخاري، ولأن اليقين لا يزال بالشك.

وذكر البهوتي الحنبلي نحوه, وزاد: (وَلَوْ عَارَضَهُ ظَنٌّ)؛ لِأَنَّ غَلَبَةَ الظَّنِّ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا ضَابِطٌ فِي الشَّرْعِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهَا، كَظَنِّ صِدْقِ أَحَدِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ.

فلا عبرة بالشك، ولا بالظن القريب من الشك، إلا إذا كانت هناك غلبة ظن مًحققة, أو يقين بخروج البول.

وعليه, فلا تلتفتي إليها، وما تفعلينه من نضح الفرج والسراويل جيد في دفع الوسوسة؛ قال ابن قدامة في المغني: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْضَحَ عَلَى فَرْجِهِ وَسَرَاوِيلِهِ؛ لِيُزِيلَ الْوَسْوَاسَ عَنْهُ.

قَالَ حَنْبَلُ: سَأَلْت أَحْمَدَ قُلْت: أَتَوَضَّأُ وَأَسْتَبْرِئُ، وَأَجِدُ فِي نَفْسِي أَنِّي قَدْ أَحْدَثْت بَعْدُ، قَالَ: إذَا تَوَضَّأْت فَاسْتَبْرِئْ، وَخُذْ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَرُشَّهُ عَلَى فَرْجِك، وَلَا تَلْتَفِت إلَيْهِ، فَإِنَّهُ يَذْهَبُ إنْ شَاءَ اللَّهُ. وراجعي الفتاوى: 103751، 69985 ، 93556، 104533.

أما إذا تيقنت خروج قطرة البول، فيجب غسل الثوب، وإعادة الوضوء.

وأما قولك: "وهل يمكن أن تكون القطرات صغيرة بحيث لا ترى, أو لا توجد لها رائحة, أو أنه بسبب رائحة العرق لا يمكن تمييزها؟"

فالجواب كما سبق أن اليقين لا يزال بالشك ، فطالما لم يُوجد دليل النجاسة: من اللون, أو الرائحة، فلا عبرة بالشك.

وأما قولك: "وإن كانت نجاسة فعلًا, فهل تعد من النجاسة المعفو عنها؟"

فجوابه أنها إن كان مشكوكًا فيها فالحكم فيها ما تقدم، وإن كانت متيقنة فقد اختلف في العفو عنها, قال الحجاوي الحنبلي في الإقناع: والودي والبول والغائط نجسة, ولا يعفى عن يسير شيء منها.

وهذا القول هو الذي عليه الفتوى عندنا، وراجعي في كلام أهل العلم فيها الفتوى رقم: 17221.

وأخيرًا ننبهك إلى ضرورة التزام هذه القواعد، وعدم الالتفات للوساوس، وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 51601.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني