الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم اشتراط عدم التبديل والاسترجاع للبضاعة، ومن يتحمل مؤنة رد المبيع

السؤال

جزاكم الله خيرا على جهودكم: ما حكم فتح متجر إلكتروني ليس فيه خيار التبديل أو الاسترجاع للبضاعة المباعة، حيث لا يمكن للمشتري رد البضاعة للبائع؟ وفي حال وجوب خيار رد البضاعة، فهل يجوز اشتراط أن تكون تكاليف إعادة البضاعة للبائع على المشتري حيث هناك تكاليف النقل والتوصيل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

أولا: لا بأس بفتح متجر إلكتروني للتسويق عن طريق الإنترنت، بشرط مراعاة الشروط الشرعية في ذلك، وقد بيناها في الفتوى: 23846.

وكان عمر -رضي الله عنه- يطوف في السوق ويقول: لا يبع في سوقنا إلا من يفقه، وإلا أكل الربا شاء أم أبى.

ثانيًا: اشتراط عدم التبديل والاسترجاع للبضاعة المباعة لا يلغي خيار -حق- الفسخ للمشتري بالعيب أو الغبن وغيرها من الخيارات الحكمية التي أثبتها الشارع له، وهو ما ذكرناه في الفتوى: 14114.

قال ابن المنذر: وقد أجمع أهل العلم على أن من اشترى سلعة ووجد بها عيبا كان عند البائع لم يعلم به المشتري أن له الرد.

وقد سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن ذلك، فأجابت بقولها: إن بيع السلعة بشرط ألا ترد ولا تستبدل لا يجوز، لأنه شرط غير صحيح، لما فيه من الضرر والتعمية، ولأن مقصود البائع بهذا الشرط إلزام المشتري بالبضاعة ولو كانت معيبة، واشتراطه هذا لا يبرئه من العيوب الموجودة في السلعة، لأنها إذا كانت معيبة فله استبدالها ببضاعة غير معيبة، أو أخذ المشتري أرش العيب، ولأن كامل الثمن مقابل السلعة الصحيحة وأخذ البائع الثمن مع وجود عيب أخذ بغير حق، ولأن الشرع أقام الشرط العرفي كاللفظي، وذلك للسلامة من العيب حتى يسوغ له في الرد بوجود العيب تنزيلا لاشتراط سلامة المبيع عرفا منزلة اشتراطها لفظا، وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

ثالثا ـ أما اشتراط جعل تكاليف رد البضاعة على المشتري، فهذا شرط صحيح كما هو الأصل في الشروط من الصحة واللزوم، إذ ليس فيه ما ينافي مقتضى عقد البيع، بل هو ما يقرره الفقهاء حتى بغير اشتراط، قال ابن عابدين في حاشيته: وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْمُشْتَرِي فِيمَا لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ... وَيَرُدُّهُ فِي مَوْضِعِ الْعَقْدِ زَادَتْ قِيمَتُهُ أَوْ نَقَصَتْ، أَوْ فِي مَوْضِعِ التَّسْلِيمِ لَوْ اخْتَلَفَ عَنْ مَوْضِعِ الْعَقْدِ، كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ.

وقال الرافعي في الشرح الكبير: الرابع: مؤنة رد المبيع بعد الفسخ بالعيب على المشتري ولو هلك في يده ضمنه.

وقال الرملي في النهاية: وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَتَى فُسِخَ الْبَيْعُ بِعَيْبٍ أَوْ غَيْرِهِ كَانَتْ مُؤْنَةُ رَدِّ الْمَبِيعِ بَعْدَهُ إلَى مَحَلِّ قَبْضِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي.

وقال البهوتي في الكشاف ممزوجا بالإقناع: وَعَلَيْهِ ـ أَيْ الْمُشْتَرِي ـ إذَا اخْتَارَ الرَّدَّ مُؤْنَةُ رَدِّهِ إلَى الْبَائِعِ، لِحَدِيثِ: عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ.

بل قررها التاج السبكي قاعدة فقال: في الأشباه والنظائر: 329 قاعدة: كل يد كانت يد ضمان وجب على صاحبها مؤنة الرد، وإن كانت يد أمانة فلا.

وهو ما قررناه في الفتوى: 200019.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني