الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأدلة على حرمة الموسيقى

السؤال

سؤال يحيريني لم أجد له إجابة، وهو حكم الموسيقى -الأناشيد الإسلامية - وأريد دليلًا قطعيًا على حرمتها، ولقد قرأت فتواكم، وأقوال العلماء، ولكن هناك من العلماء المعاصرين من يجيزها بشروط، وإن كان كلامهم خاطئًا، فلدي استفسارات، ففي الآية: "ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله" صحيح أنهم قالوا: إن المقصود به الغناء، ولكن سبب الحرمه في الآية (ليضل) فإن لم يكن يضل فلماذا يحرم؟ فالآية اشترطت الإضلال، فما رأيكم بقول الكلباني عند تجويزه للموسيقى: والحديث: "ليأتين أقوام من أمتي يستحلون الحر والحرير" قال: كل المقرون به، له دليل يدل على حرمته دون هذا الحديث، كالحرير للرجال، والزنا والخمر بأدلتهم، ولكن أين الدليل على حرمة الموسيقى؟ وقيل: المقصود هو ذكر صفة من صفات الناس، وليس كلهم، وأصبح الشخص يجبر في الحياة على الأصوات، مثل: أجراس المنازل، والألعاب، فأريد جوابًا شافيًا كافيًا، وآسف على الإطالة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد سبق لنا الكلام عن حكم المعازف في عدة فتاوى سابقة، ومنها ما نبهنا فيه على الفرق بين الغناء والمعازف، فالغناء أنواع، ولكل نوع حكمه، وأما المعازف فحرام، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 232915 وما أحيل عليه فيها.

وخلاصة ما نضيفه هنا أن أثر ابن مسعود إنما هو في الغناء، وليس في المعازف.

وأما حديث: ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر، والحرير، والخمر، والمعازف. فليس هو الدليل الوحيد على حرمة المعازف، وقد ذكرنا طرفًا من الأدلة الأخرى في الفتاوى المحال عليها في الفتوى السابقة.

وأما الكلام على فقه الحديث، والطعن في دلالته على حرمة المعازف: فقد أورد الشوكاني في نيل الأوطار بعض ذلك، وأجاب عنه، ومن ذلك أنه يحتمل أن تكون المعازف المنصوص على تحريمها هي المقترنة بشرب الخمر، كما ثبت في رواية بلفظ: «ليشربن أناس من أمتي الخمر، تروح عليهم القيان، وتغدو عليهم المعازف» قال: ويجاب بأن الاقتران لا يدل على أن المحرم هو الجمع فقط، وإلا لزم أن الزنا المصرح به في الحديث لا يحرم إلا عند شرب الخمر، واستعمال المعازف، واللازم باطل بالإجماع، فالملزوم مثله، وأيضًا يلزم في مثل قوله تعالى: {إنه كان لا يؤمن بالله العظيم * ولا يحض على طعام المسكين} [الحاقة: 33، 34] أنه لا يحرم عدم الإيمان بالله إلا عند عدم الحض على طعام المسكين، فإن قيل: تحريم مثل هذه الأمور المذكورة في الإلزام قد علم من دليل آخر، فيجاب بأن تحريم المعازف قد علم من دليل آخر أيضًا كما سلف، على أنه لا ملجأ إلى ذلك حتى يصار إليه .. اهـ.

وأما عموم البلوى بسماع المعازف: فهذا إن سلمنا وجوده، فجوابه: أن حرمة المعازف تتعلق بالاستماع، لا بمجرد السماع، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 142457.

وعلى أية حال، فالوقوف على تفاصيل هذا الموضوع يتطلب الاطلاع على كتاب متخصص مستوعب، وقد ذكرنا في الفتوى المحال عليها سابقًا أحد هذه الكتب، ومنها أيضا كتاب:( تحريم آلات الطرب) للشيخ الألباني، ومنها كتاب: (أحاديث المعازف والغناء: دراسة حديثية نقدية) لمحمد عبد الكريم عبد الرحمن.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني