الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأدلة على علم الله بالنوايا والأسرار

السؤال

كنت مصابا بوسوسة شديدة، وكنت أشك في الدين كثيرا بسبب الوسوسة، لكنني أتعافي ـ والحمد لله ـ ولكن هناك سؤال في عقلي أريد أن أسألكم عنه وهو كيف نعلم بأن الله يعلم ما في النوايا؟.
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يتم عليك عافيته ويجنبك الوساوس، وأما سؤالك: فهو غير واضح، وعموما نقول: إن علم الله تعالى محيط بكل شيء، ويشمل ذلك نوايا الخلق وخبايا نفوسهم وما تخفي صدورهم، قال سبحانه: يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ {غافر:19}. وقال تعالى: وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى {طـه:7}. وقال عز وجل: سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ {الرعد:10}. وقال سبحانه: أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ {هود:5}.

والآيات في هذا المعنى كثيرة، ومع ذلك فهو سبحانه مستو على عرشه بائن من خلقه، وهو مع علوه على خلقه لا يحجبه عنهم شيء، بل هو بعلمه وإحاطته وقدرته أقرب إليهم من بواطن نفوسهم، قال ابن القيم ـ رحمه الله: وظاهريته سبحانه فوقيته وعلوه على كل شيء، ومعنى الظهور يقتضى العلو، وظاهر الشيء هو ما علا منه وأحاط بباطنه، وبطونه سبحانه إِحاطته بكل شيء ـ بحيث يكون أقرب إليه من نفسه... فأَحاطت ظاهريته وباطنيته بكل ظاهر وباطن، فما من ظاهر إلا والله فوقه، وما من باطن إِلا والله دونه، فالظاهر علوه وعظمته، والباطن قربه ودنوه... فعلا على كل شيء بظهوره، ودنا من كل شيء ببطونه، فلا تواري منه سماء سماء ولا أرض أرضا، ولا يحجب عنه ظاهر باطن، بل الباطن له ظاهر، والغيب عنده شهادة، والبعيد منه قريب، والسر عنده علانية... فهو الظاهر في بطونه، والباطن في ظهوره. انتهى بتصرف.

وانظر الفتوى رقم: 141301.

فإذا أيقن العبد بذلك أثمر له مراقبة الله عز وجل، يقول ابن القيم رحمه الله: المراقبة دوام علم العبد وتيقنه باطلاع الحق سبحانه وتعالى على ظاهره وباطنه فاستدامته لهذا العلم واليقين: هي المراقبة وهي ثمرة علمه بأن الله سبحانه رقيب عليه ناظر إليه سامع لقوله وهو مطلع على عمله كل وقت وكل لحظة وكل نفس وكل طرفة عين.

ولمعرفة كيفية استشعار العبد ذلك راجع فتوانا رقم: 195123.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني