الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

هل يصح أن أصلي صلاة الوتر مثل الصلوات المفروضة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فلم نفهم قصد السائلة الكريمة، وإن كنت تعنين فعل الوتر كالصلوات المفروضة في الهيئة، فإن الوتر لا يصلى ركعتين فقط كصلاة الصبح، ولا يصلى أربع ركعات فقط كصلاة الظهر، والعصر، والعشاء. والوتر لا يكون شفعا أصلا، وإنما بعدد وتر واحد، أو ثلاث، أو خمس، أو سبع، أو أكثر.

جاء في الموسوعة الفقهية عن صلاة الوتر: الْوِتْرُ ( بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا ) لُغَةً: الْعَدَدُ الْفَرْدِيُّ، كَالْوَاحِدِ، وَالثَّلاَثَةِ، وَالْخَمْسَةِ، وَمِنْهُ قَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ . وَمِنْ كَلاَمِ الْعَرَبِ: كَانَ الْقَوْمُ شَفْعًا فَوَتَرْتُهُمْ، وَأَوْتَرْتُهُمْ، أَيْ جَعَلْتُ شَفْعَهُمْ وِتْرًا. وَفِي الْحَدِيثِ: مَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ. مَعْنَاهُ: فَلْيَسْتَنْجِ بِثَلاَثَةِ أَحْجَارٍ، أَوْ خَمْسَةٍ، أَوْ سَبْعَةٍ، وَلاَ يَسْتَنْجِ بِالشَّفْعِ.

وَالْوِتْرُ فِي الاِصْطِلاَحِ: صَلاَةُ الْوِتْرِ، وَهِيَ صَلاَةٌ تُفْعَل مَا بَيْنَ صَلاَةِ الْعِشَاءِ وَطُلُوعِ الْفَجْرِ، تُخْتَمُ بِهَا صَلاَةُ اللَّيْل، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لأِنَّهَا تُصَلَّى وِتْرًا، رَكْعَةً وَاحِدَةً، أَوْ ثَلاَثًا، أَوْ أَكْثَرَ، وَلاَ يَجُوزُ جَعْلُهَا شَفْعًا ... اهـ.

ويجوز أن يصلى ثلاث ركعات كالمغرب، وهي المفضلة عند الحنفية خلافا للجمهور. والأفضل فيمن وصل ركعاته أن لا يجلس فيه للتشهد الأول، بل يصلي ثلاث ركعات متواليات بتشهد واحد, وإن جلس، فلا بأس.

جاء في الموسوعة الفقهية: صِفَةُ صَلاَةِ الْوِتْرِ:

أَوَّلاً: الْفَصْل وَالْوَصْل: الْمُصَلِّي إِمَّا أَنْ يُوتِرَ بِرَكْعَةٍ، أَوْ بِثَلاَثٍ، أَوْ بِأَكْثَرَ :

أ - فَإِنْ أَوْتَرَ الْمُصَلِّي بِرَكْعَةٍ - عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِجَوَازِهِ - فَالأْمْرُ وَاضِحٌ.

ب - وَإِنْ أَوْتَرَ بِثَلاَثٍ، فَلَهُ ثَلاَثُ صُوَرٍ :

1) الصُّورَةُ الأْولَى: أَنْ يَفْصِل الشَّفْعَ بِالسَّلاَمِ، ثُمَّ يُصَلِّيَ الرَّكْعَةَ الثَّالِثَةَ بِتَكْبِيرَةِ إِحْرَامٍ مُسْتَقِلَّةٍ. وَهَذِهِ الصُّورَةُ عِنْدَ غَيْرِ الْحَنَفِيَّةِ، وَهِيَ الْمُعَيَّنَةُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، فَيُكْرَهُ مَا عَدَاهَا، إِلاَّ عِنْدَ الاِقْتِدَاءِ بِمَنْ يُصَلي. وَأَجَازَهَا الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَقَالُوا: إِنَّ الْفَصْل أَفْضَل مِنَ الْوَصْل، لِزِيَادَتِهِ عَلَيْهِ، السَّلاَم وَغَيْرُهُ .... قَالُوا: وَدَلِيل هَذِهِ الصُّورَةِ مَا وَرَدَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْصِل بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ بِتَسْلِيمَةٍ. وَوَرَدَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - كَانَ يُسَلِّمُ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ حَتَّى يَأْمُرَ بِبَعْضِ حَاجَتِهِ ....

) الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يُصَلِّيَ الثَّلاَثَ مُتَّصِلَةً سَرْدًا، أَيْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَفْصِل بَيْنَهُنَّ بِسَلاَمٍ وَلاَ جُلُوسٍ، وَهِيَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ أَوْلَى مِنَ الصُّورَةِ التَّالِيَةِ. وَاسْتَدَلُّوا لِهَذِهِ الصُّورَةِ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوتِرُ بِخَمْسٍ، لاَ يَجْلِسُ إِلاَّ فِي آخِرِهَا, وَهَذِهِ الصُّورَةُ مَكْرُوهَةٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، لَكِنْ إِنْ صَلَّى خَلْفَ مَنْ فَعَل ذَلِكَ فَيُوَاصِل مَعَهُ.

3) الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: الْوَصْل بَيْنَ الرَّكَعَاتِ الثَّلاَثِ، بِأَنْ يَجْلِسَ بَعْدَ الثَّانِيَةِ فَيَتَشَهَّدَ وَلاَ يُسَلِّمَ، بَل يَقُومَ لِلثَّالِثَةِ وَيُسَلِّمَ بَعْدَهَا، فَتَكُونُ فِي الْهَيْئَةِ كَصَلاَةِ الْمَغْرِبِ، إِلاَّ أَنَّهُ يَقْرَأُ فِي الثَّالِثَةِ سُورَةً بَعْدَ الْفَاتِحَةِ خِلاَفًا لِلْمَغْرِبِ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ هِيَ الْمُتَعَيِّنَةُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ .. اهــ مختصرا.

وانظري الفتوى رقم: 163435 .

وإن كنت تقصدين غير ما أجبنا عنه، فالرجاء توضيح ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني