الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم التفكير في أحوال الناس والحزن عليهم دون الإنكار عليهم

السؤال

هل كثرة التفكير في الناس وأحوالهم، والحزن عليهم، مع الجبن عن الإنكار عليهم؛ مما يؤدي إلى زيادة تأنيب الضمير لترك إنكار المنكر ممدوحة شرعًا؟ أم أن الأفضل الاهتمام بالتزود للنفس بالآخرة، والإعراض عن التفكير في الناس؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالعاقل تدور أفكاره على أربعة أصول:

- فكرة في مصالح دنياه ليستجلبها.

- وفكرة في مضار دنياه ليستدفعها.

- وفكرة في مصالح آخرته ليستجلبها.

- وفكرة في مضار آخرته ليستدفعها.

قال ابن القيم - رحمه الله -: ثُمَّ الْخَطَرَاتُ بَعْدُ أَقْسَامٌ تَدُورُ عَلَى أَرْبَعَةِ أُصُولٍ: خَطَرَاتٌ يَسْتَجْلِبُ بِهَا الْعَبْدُ مَنَافِعَ دُنْيَاهُ، وَخَطَرَاتٌ يَسْتَدْفِعُ بِهَا مَضَارَّ دُنْيَاهُ، وَخَطَرَاتٌ يَسْتَجْلِبُ بِهَا مَصَالِحَ آخِرَتِهِ، وَخَطَرَاتٌ يَسْتَدْفِعُ بِهَا مَضَارَّ آخِرَتِهِ، فَلْيَحْصُرِ الْعَبْدُ خَطَرَاتِهِ، وَأَفْكَارَهُ، وَهُمُومَهُ فِي هَذِهِ الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ، فَإِذَا انْحَصَرَتْ لَهُ فِيهَا أَمْكَنَ اجْتِمَاعُهُ مِنْهَا، وَلَمْ يَتْرُكْهُ لِغَيْرِهِ، وَإِذَا تَزَاحَمَتْ عَلَيْهِ الْخَطَرَاتُ لِتَزَاحُمِ مُتَعَلِّقَاتِهَا، قَدَّمَ الْأَهَمَّ فَالْأَهَمَّ الَّذِي يَخْشَى فَوْتَهُ، وَأَخَّرَ الَّذِي لَيْسَ بِأَهَمَّ، وَلَا يَخَافُ فَوْتَهُ. انتهى.

وأعلى الفكر وأجلها ما كان لله، وهو أنواع، كما يقول ابن القيم - رحمه الله - فمنه الفكرة في آيات الله المتلوة، وكتابه المسطور، والفكرة في آياته المشهودة في الآفاق والأنفس، والفكرة في آلاء الرب سبحانه، ونعمه التي لا تحصى، والفكرة في عيوب النفس، وآفات العمل، إلى غير ذلك من أنواع الأفكار المحمودة.

وعليه، ففكرة الإنسان في تقصيره في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هي من هذا القسم المحمود؛ لأنها فكرة في عيوب النفس، وآفات العمل، وهي معينة على التوبة، وتدارك الفارط بإصلاح ما عسى أن يكون العبد أفسد من عمله، فتبعثه تلك الفكرة على ألا يخاف إلا الله سبحانه، ولا تأخذه فيه سبحانه لومة لائم، فيجتهد في توفية مقام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وأما مجرد الفكرة في الناس وأحوالهم: فليس مما يعود على العبد بالنفع.

والحاصل أن العاقل يشغل نفسه بالفكرة فيما ينفعه في دنياه وآخرته، والفكرة في دفع ما يضره في دنياه وآخرته، وما كان لا يفضي إلى منفعة دينية، أو دنيوية، فليجاهد العبد نفسه على ترك الفكرة فيه، فإن حراسة الخواطر من أهم ما يعنى به أرباب المجاهدة، ولتنظر الفتوى رقم: 150491.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني