الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إفشاء المرأة أسرار بيتها من الإساءة

السؤال

أنا متزوج منذ حوالي ثلاثة أعوام، وزوجتي تنقل كل ما يحدث ويقال بيننا، وكل الأمور الخاصة بي إلى أمها، وأبيها، وأخيها، وتكذب عليّ، ولا تنقل أمور أهلها، وتذهب مع أمها إلى أماكن لا تخبرني بها، مع أنني لا أمانع من ذهابها إلى أهلها، وتذهب إليهم مرات كثيرة جدًّا، وعرفت كل شيء عنها، وراقبتها على النت، وسمعت جيدًا، وأريد الانفصال لأنني تعبت من عدم الاستقرار معها، وهي تنقل الكلام بالحرف، وتسير حسب كلام أخيها، وأمها، وتعمل، فأرجو الإفادة، لأنني أجهز نفسي لمؤخر الصداق، ومتاعها موجود، فأنا لا أريد أن أظلمها لأنها خدعتني في الأمور المالية، فهي تشتري وتبدل الذهب من المال، وتشتري بعض الكماليات، مثل: تاب نوت، وتقول: إن أخاها هو من أعطاها.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كانت زوجتك تقوم بإفشاء أسرار البيت، فهو سلوك خاطئ منها، وهي مسيئة بذلك، وإن كان ذلك في الأمور المتعلقة بتفاصيل المعاشرة الزوجية، فإن إفشاءها حرام، فعن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِي قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الأَمَانَةِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ، وَتُفْضِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا.

وعنه أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ، وَتُفْضِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا. رواه مسلم.

قال المناوي: والظاهر أن المرأة كالرجل، فيحرم عليها إفشاء سره.

وإن كنت تأذن لها في الذهاب إلى أهلها، فلا يجوز لها أن تتعدى حدود الإذن، فتخرج إلى غير ذلك بغير إذنك، وكونها في بيت أهلها لا يعني جواز خروجها بغير إذنك، جاء في تحفة المحتاج في الفقه الشافعي عند الكلام عن موجبات النفقة ومسقطاتها قوله: والخروج من بيته ـ أي: من المحل الذي رضي بإقامتها فيه ـ ولو ببيتها، أو بيت أبيها ـ كما هو ظاهر ـ ولو لعبادة، وإن كان غائبًا بتفصيله الآتي بلا إذن منه ولا ظن رضاه، عصيان ونشوز، إذ له عليها حق الحبس في مقابلة المؤن. اهـ.

وإذا كانت تتصرف في مالك بغير إذن منك، فلا يحق لها ذلك، فقد روى الإمام أحمد في المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه.

وقولك: وتعمل ـ إن كان المقصود به أنها تخرج للعمل، فلا يجوز لها ذلك إلا بإذنك، ما لم تكن قد اشترطت عليك قبل الزواج أن تعمل، كما بينا في الفتوى رقم: 23844.

ولا ننصحك بالتعجل إلى الطلاق، فالطلاق له آثاره الخطيرة، وخاصة إن رزق الزوجان شيئًا من الولد، فالأولى التريث، والسعي في الإصلاح، وتحكيم العقلاء من أهلك وأهلها، فلعل حالها يصلح فيزول الإشكال، وإذا استحالت العشرة، ولم يكن تحقيق المقاصد الشرعية ممكنًا في الحياة الزوجية، فقد يكون حينئذ الطلاق أفضل، وقال ابن قدامة في المغني: فإنه ربما فسدت الحال بين الزوجين، فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة، وضررًا مجردًا، بإلزام الزوج النفقة، والسكنى، وحبس المرأة مع سوء العشرة، والخصومة الدائمة من غير فائدة، فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح؛ لتزول المفسدة الحاصلة منه. اهـ.

وبعدها قد ييسر الله لكل من الرجل والمرأة من الأزواج من يسعد معه، قال تعالى: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا {النساء:130}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني