الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجوز البقاء في الوظيفة المحرمة إلى أن توجد وظيفة حلال؟ وهل ذلك يمنع قبول الدعاء؟

السؤال

أعيش أنا وأسرتي ظروفًا مادية صعبة، ونعيش مرحلة ابتلاء من رب العالمين، ومصدر دخلنا الوحيد هو عمل أبي في مصنع للمعسل – الدخان - حيث إنه كبير في العمر، ولم يجد وظيفة في أي مكان آخر، وأنا لي ما يقرب من سنتين أبحث عن وظيفة حتى يستطيع أبي ترك عمله، ولم أوفق حتى الآن، فهل عمل أبي في هذا المكان يمنع استجابة دعائنا؛ بناء على قوله صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص عندما سأله أن يكون مستجاب الدعاء، فقال: أطب مطعمك، تكن مستجاب الدعوة، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث، أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك، فأرجو إفادتي، فليس لنا بديل عن عمل والدي إلى أن أجد وظيفة، وأخشى ما أخشى أن يكون مأكلنا، ومشربنا، وملبسنا حرامًا، وهذا ما يمنع استجابة دعائنا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز العمل في تصنيع الدخان، ولا غيره من المحرمات، والمال الذي اكتُسب منه يجب التخلص منه بصرفه في مصالح المسلمين، وعلى فقرائهم، فإن كان مكتسبه فقيرًا، فله أن يأخذ منه بالقدر الذي يسد حاجاته الضرورية، هو ومن يعول، وراجع في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 10500، 45011، 17461، 58812.

ولا يجوز البقاء في مثل هذا العمل إلا في حال الضرورة، وحد الضرورة هو ما يغلب على الظن وقوع المرء بسببه في الهلكة، أو أن تلحقه بسببه مشقة لا تحتمل، أو لا يتمكن معها من تحقيق الحد الأدنى من حياة الفقراء، فعندئذ إذا لم يجد ما تزول به ضرورته إلا بهذا العمل، فلا حرج عليه فيه - إن شاء الله -؛ وراجع في ذلك الفتويين: 1420، 94921.

ثم إن من أضرار الكسب الحرام أنه يمنع من إجابة الدعاء - كما أشار إليه السائل - وراجع في ذلك الفتويين: 145805، 71758.

ولا يخفى أن محل ما تقدم من عدم القبول هو إذا لم يكن الإنسان مضطرًا لأكل الحرام، وإلا فإن الضرورات تبيح المحظورات، كما سبقت الإشارة إليه في الفتوى رقم: 65327.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني