الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا حرج في اختلاف نية الإمام عن نية المأموم

السؤال

ما هي الأدلة من الكتاب والسنة على جواز صلاة شخصين جماعة إذا كان أحدهما يقضي صلاة فائتة والآخريؤمه؟(مثال الزوجين). وهل يجوز ذلك في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها؟ أرجو توضيح الأدلة وشكرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز لمن فاتته صلاة أن يصليها قضاء خلف إمام يصلي حاضرة فمن فاتته الظهر ووجد إماماً يصلي العصر صح له أن يصلي الظهر خلفه، وهذه المسألة معروفة عند الفقهاء بـ"اختلاف نية الإمام والمأموم" قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع: تصح صلاة النفل خلف الفرض والفرض خلف النفل، وتصح صلاة فريضة خلف فريضة أخرى توافقها في العدد كظهر خلف عصر، وتصح فريضة خلف فريضة أقصر منها، وكل هذا جائز بلا خلاف عندنا.
وقال
النووي أيضاً: فرع في مذاهب العلماء في اختلاف نية الإمام والمأموم قد ذكرنا أن مذهبنا جواز صلاة المتنفل والمفترض خلف متنفل ومفترض في فرض آخر، وحكاه ابن المنذر عن طاووس والأوزاعي وأحمد وأبي ثور وسليمان بن حرب ، قال: وبه أقول وهو مذهب دواود.
وقالت طائفة: لا يجوز نفل خلف فرض ولا فرض خلف نفل ولا خلف فرض آخر، قاله
الحسن البصري والزهري ويحي بن سعيد الأنصاري وربيعة وأبو قلابة وهو رواية عن مالك.
وقال
الثوري وأبو حنيفة: لا يجوز الفرض خلف نفلٍ، ولا فرضٍ آخر، ويجوز النفل خلف فرض، وروي عن مالك مثله. انتهى.

والصحيح هو القول الأول لما في الصحيحين أن معاذ بن جبل رضي الله عنه كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عشاء الآخرة ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة، وفي لفظ: "كان معاذ يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ثم يطلع إلى قومه فيصليها لهم، هي له تطوع ولهم مكتوبة". حديث صحيح رواه بهذا اللفظ الشافعي في الأم ومسنده ثم قال: هذا حديث ثابت لا أعلم حديثاً يروى من طريق واحد أثبت من هذا ولا أوثق. يعني: رجالاً.
واستدل الشافعي على جواز ذلك أيضاً بالقياس على صلاة المتم خلف القاصر، وأما حديث: "إنما جعل الإمام ليؤتم به" فالمراد منه هو أن يؤتم به في الأفعال لا في النية، كما قاله النووي وغيره، وعلى هذا فلا حرج في اختلاف نية الإمام عن نية المأموم.
وأما قول الأخ السائل: وهل يجوز ذلك في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها فالجواب أنه إن كان يقصد الفريضة فإنها تؤدى في وقت الكراهة بدون كراهة إذا كان تأخيرها لعذر كمن أخر العصر إلى الاصفرار فقام يصليها فاقتدى به من فاتته صلاة الظهر فلا حرج في ذلك، وإن قصد صلاة النافلة كمن دخل المسجد بعد العصر، وصلى ركعتي تحية المسجد واقتدى به آخر يصلي قضاء سنة الظهر التي فاتته فلا حرج في ذلك أيضاً لأن هذه صلاة ذات سبب، وقد صرح الشافعية بجواز قضاء النوافل وتحية المسجد في وقت الكراهة، إلا أنهم قالوا لا تشرع الجماعة في هذه النوافل، بمعنى لا تستحب، ولكن لو صلاها جماعة جاز، كما صرح بذلك الإمام النووي رحمه الله في المجموع.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني