الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ماذا يلزم من طاف طواف العمرة جنبا؟ وهل الكفارة على التراخي؟

السؤال

قمت بأداء عمرة منذ عامين، لكني اكتشفت أني كنت أتوضأ، وأغتسل بطريقة خاطئة، وقررت الأخذ بالمذهب الحنفي القائل بعدم وجوب الطهارة، وتكون عمرتي صحيحة، فهل عليّ بذلك دم عن الوضوء، ودم عن الاغتسال أم دم واحد فقط عن الطهارة ككل؟ وهل يجوز أن آخذ برأي الإمام أحمد، ويكون الدم عن الطواف جنبًا شاة، وليس بدنة كما نص الحنفية، أم هذا تلفيق بين المذاهب، مع العلم أني لم أتعمد فعل ذلك بل كان خطأ؟ وهل يجوز إخراج الدم على التراخي؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فجمهور أهل العلم على أن الطواف لا يجزئ دون طهارة, ومن ثم فمن طاف بغير طهارة فكمن لم يطف، لكن الطهارة لا تشترط للطواف عند الحنفية، وعلى رواية للحنابلة, وهو الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية, كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 29645.

فعلى مذهب الجمهور يجب عليك الآن الكف عن جميع محظورات الإحرام: من تطيب، وقص شعر، وجماع أو مقدماته إلى آخرها حتى ترجع لمكة، ثم تأتي بطواف صحيح، ثم بسعي بعده، ثم تقصر من شعرك؛ وبذلك يحصل التحلل من العمرة.

وبخصوص ما أقدمتِ عليه من محظورات الإحرام قبل التحلل من العمرة الأولى، فما كان منه من قبيل الإتلاف، كقص الشعر، وتقليم الأظافر، ففي كل جنس منه فدية واحدة، والفدية هي: شاة تذبح بمكة، وتوزع على المساكين هناك، أو صوم ثلاثة أيام، أو التصدق بثلاثة آصع من طعام على ستة مساكين، وما كان من قبيل الترفه، كلبس المخيط، واستعمال الطيب، فلا شيء فيه إذا كان جهلًا؛ وراجع في ذلك الفتوى رقم: 14023.

وإن حصل منك جماع جهلًا، فلا تفسد عمرتك عند كثير من أهل العلم، كما ذكرنا في الفتوى رقم: 15047.

والقول بعدم اشتراط الطهارة للطواف هو مذهب الحنفية، ورواية للحنابلة كما سبق, وهو قول مرجوح عندنا، لكننا قد بينا في الفتوى رقم: 125010، أن الأخذ بالقول المرجوح والفتوى به بعد وقوع الأمر، مما سوغه كثير من العلماء، ومن ثم فيكون طوافك صحيحًا، وعليك دم، ويجزئ فيه شاة بناء على مذهب الحنابلة, وكذلك الحنفية أيضًا خلافًا لما ذكرته في سؤالك, فالحنفية قالوا بلزوم شاة في حق من طاف للعمرة جنبًا, أما الحاج إذا طاف للإفاضة جنبًا, فعليه بدنة.

جاء في رد المحتار لابن عابدين الحنفي: ولو طاف للعمرة كله، أو أكثره، أو أقله ولو شوطا جنبًا، أو حائضًا، أو نفساء، أو محدثًا فعليه شاة، لا فرق فيه بين الكثير والقليل، والجنب والمحدث؛ لأنه لا مدخل في طواف العمرة للبدنة، ولا للصدقة، بخلاف طواف الزيارة. انتهى.

وبخصوص تأخير ذبح الهدي فهو جائز عند بعض أهل العلم, إلا أن الأفضل هو المبادرة بذبحه.

جاء في الموسوعة الفقهية: وأما دم الجنايات فقد اتفق الحنفية، والشافعية على أنه لا يتقيد بوقت؛ لأنها دماء كفارات، فلا تختص بزمان النحر، بل يجوز تأخيرها إلى أي وقت آخر، إلا أنها لما وجبت لجبر النقصان كان التعجل بها أولى، لارتفاع النقصان من غير تأخير. انتهى.

ولا بد من ذبح الهدي الذي لزمك في الحرم، وتوزيعه على الفقراء من أهله, وبإمكانك توكيل من ينوب عنك في ذلك.

وراجع المزيد في الفتوى رقم: 148991.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني