الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

والده يودع ماله في بنك ربوي وينفق منه على الأسرة فكيف يصنع

السؤال

أبي ورث عن جدي مالا، وقد وضع هذا المال في بنك، ويعيش على الفوائد التي حرمها الله، ولا يستطيع أن يتاجر، لأنه مسرف جدا، وإذا عمل بهذا المال فقد يضيعه في أقل من شهر ونخسر كل شيء، وأنا طالب ولا أستطيع أن أعمل وأنفق نظرا للدراسة، وخصوصا أنني أدرس في محافظة غير محافظتي، وأمي مريضة لا تستطيع أن تعمل، فتكلمت مع والدي ومع أمي كي لا نعيش من هذه الفوائد الربوية دون جدوى، فأمي تخاف أن تضيع النقود ونخسر كل شيء، وأبي لا جدوى من الحديث معه، لأنه لا يسمع لغيره ويظن أن رأيه دائما هو الصحيح والمصيبة أنني آكل وأشرب من هذا المال رغما عني، لأنني لا أستطيع تحمل نفقتي، فماذا أفعل؟ وهل أقاطع أبي وأترك البيت وأفوض أمري إلى الله؟ أم ماذا أفعل؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهنالك بنوك إسلامية يمكن لوالدك إيداع المال لديها كي تستثمره ويأخذ الأرباح ويتقي الحرام إن كان لا يستطيع استثمار المال بنفسه ولا يجد من يدفعه إليه للمضاربة به، والربا لا خير فيه ولا بركة، فبين له ذلك بحكمة وموعظة حسنة، فمن بر الولد بأبيه أن ينصحه ويبين له حرمة الربا، لكن بالحكمة دون تعنيف أو رفع صوت وإغلاظ في القول، فإن استجاب لك فالحمد لله، وإن لم يستجب فلا وزر عليك، لقوله تعالى: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الزمر7}.

وأما التعامل مع الوالد في ماله ففيه تفصيل، فإن كان المال مختلطا فجائز، سواء بالأكل أو غيره، وإن كان كله حراما أو جرى التعامل معه في عين المال الحرام لم يجز ذلك إلا إذا احتاج إليه احتياجاً ضرورياً كاحتياج الفقير والمسكين فله أن يأخذ منه بقدر حاجته ولا يزيد عليها، قال النووي في المجموع: وإذا دفعه ـ المال الحرام ـ إلى الفقير لا يكون حراماً على الفقير، بل يكون حلالاً طيباً، وله أن يتصدق به على نفسه وعياله إن كان فقيراً، لأن عياله إذا كانوا فقراء فالوصف موجود فيهم، بل هم أولى من يتصدق عليه، وله هو أن يأخذ قدر حاجته، لأنه أيضاً فقير. انتهى كلامه.

ومن هذا يتبين للسائل الكريم أنه إذا كانت حاجته إلى المال المذكور مثل حاجة الفقير لضيق ذات يده وكونه لا كسب له يستغني به عما ينفقه والده عليه من ذلك المال، فلا حرج عليه ويكون ما يستعمله حينئذ حلالا في حقه لا حراما، كما قال النووي، فإذا استغنى الولد بمال حلال أو كسب مباح حرم عليه معاملة والده في عين المال الحرام، وراجع فتوانا رقم: 6880، بعنوان: حكم الأكل من طعام إنسان كل ماله أو معظمه من كسب حرام.

وراجع أيضا تفصيل هذه المسألة في الفتوى رقم: 38599.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني